المعالجة بالخلايا الجذعية: أمل جديد لمرضى تخلخل العظام!


تخلخل العظام هو حالة تضعف فيها العظام، وتصبح هشّة وسهلة الكسر. تتطور الحالة ببطء خلال سنوات عديدة ولا تشخّص عادةً إلا بعد سقوط صغير أو أثر مفاجئ يؤدي لكسر عظم.

أكثر الإصابات حدوثًا عند المصابين بتخلخل العظام هي كسور المعصم (الرسغ) وكسور الورك وكسور فقرات العمود الفقري. على أية حال، يمكن أن تحدث كسور في عظام أخرى كالذراع والحوض. حتى أنه يمكن أن تنكسر ضلوع عند المصابين بتخلخل العظام عندما يسعلون أو يعطسون.

المرض شائع جدًا عند النساء اللواتي وصلن إلى سن الضهي menopause (بشكل خاص بعد سنوات قليلة من انقطاع الطمث)، حيث تصبح العظام هشة وتخسر من نسيجها.

يعاني أكثر من ثلاثة ملايين شخص من تخلخل العظام في المملكة المتحدة. أكثر من 500,000 شخص يتلقون علاجًا في المستشفيات لكسور الهشاشة سنويًا بسبب تخلخل العظام. (1)

من الجدير بالذكر أن رواد الفضاء يخسرون 2.5 بالمئة من كثافة عظامهم في كل شهر يقضونه في الفضاء. (2)
عند حدوث مشكلة في نُضج الخلايا بانيات العظم (أرومات العظم) osteoblasts تقل إمكانية تشكل العظم وبالتالي ضعفه، والذي بدوره يؤدي إلى عدد من الحالات كتكوّن العظم الناقص Osteogenesis imperfect.

علماء من معهد صحة المرأة في جامعة كوليج لندن في لندن في المملكة المتحدة Institute for Women’s Health, University College London جمعوا خلايا جذعية من السائل السلوي البشري –السائل المحيط بالجنين ويحميه في الرحم– واستخدموها لعلاج الفئران مصابة بمرض هشاشة العظام.

عزل العلماء الخلايا الجذعية الميزانشيمية من السائل السلوي البشري Human amniotic fluid mesenchymal stem cells (AFSCs) من أرحام نساء متبرعات في أسابيعهن الـ12 من الحمل الطبيعي، وذلك بمراقبة بأجهزة الأشعة فوق الصوتية ultrasound كدليل. حقنوها بعد ذلك في الفئران لتتسرب إلى داخل العظم.

نشر البحث في تقارير ناتشر وتظهر النتائج أن نسبة الكسور الناجمة عن تخلخل العظام عند الفئران قد انخفضت لـ 79 بالمئة أقل. استخدم العلماء في البحث 324 فأرًا، 168 فأرًا منهم عُولجوا بالخلايا الجذعية، في حين أن 156 منهم وُضِعوا كمجموعة مراقبة. بعد المعالجة بثمانية أسابيع تم تقدير الكسور العظمية عند كل من مجموعة الاختبار ومجموعة المراقبة.

وبعد التقدير تبيّن أن كل الفئران المراقبة قد ظهرت عليها الكسور، بينما الفئران المُختبرة والتي تم علاجها قد قلت نسبة الكسور لديها لما بين 69 و 89 بالمئة، أي قلت نسبة الكسور إلى 79 بالمئة في كل العظام التي تم اختبارها، وذلك بزيادة قوة وبنية ولدونة هذه العظام. (3)

وقد صرحت الباحثة باسكال غويلوت Pascale Guillot، المشرفة على هذه الدراسة للغارديان: «سنتمكن من حقن هذه العوامل في العجزة أو رواد الفضاء، لدعم خلايا تشكل العظام لديهم، الخلايا الجذعية التي استخدمناها ممتازة في حماية العظام. أصبحت العظام أكثر قوة، والطريقة التي تنتظم بها العظام داخليًا أصبحت أكثر كفاءة ودقة». (4)

في التجارب العلاجية السابقة على الفئران كان العلماء يستخدمون خلايا جذعية منزوعة من الحبل السري، وقد قللت هذه التجارب من الكسور، لكن فقط من خلال زيادة لدونة العظام. أما الخلايا الجذعية المنزوعة من السائل السلوي أظهرت زيادة بالقوة والبنية أيضًا.

على أية حال لا يمكننا التأكد من فعالية ذلك إلى حين تطبيقها على البشر، ولهذا فإن الفريق يخطط لإجراء تجاربه السريرية على البشر خلال العامين القادمين، الشيء الذي يعطي أملًا كبيرًا لمرضى هشاشة العظام وكبار السن في محاربة الشيخوخة. (5)


إعداد: مصطفى بجود
تدقيق: جعفر الجزيري
المصدر (1) , المصدر (2) , المصدر (3) , المصدر (4) , المصدر (5)