كيف تشكّل المريخ؟


تشكَّل المريخ منذ زمنٍ بعيدٍ جدًّا، حوالي 4.6 مليار سنةٍ مضت، ولكن تبقى كيفية تشكلِّه موضوعَ نقاش، وحاليا، لدينا نظريتان تتسابقان لتمثِّلا النظرية الصحيحة لكيفية تشكُّل المريخ.

النظرية الأولى والأكثر قبولًا، هي نظرية (التراكم الأساسي)، وهي نظريةٌ مناسبةٌ للكواكب الصخرية مثل المريخ، لكنها تواجه مشاكلًا مع الكواكب الضخمة، أما النظرية الثانية فهي (القرص الغير مستقر)، وقد تكون المسؤولة عن شرح كيفبة تشكل الكواكب العملاقة.

التراكم الأساسي:

وهي النظريةُ الرائدة، حيثُ أنَّ النظام الشمسيَّ بدأ كسحابةٍ كبيرةٍ من الغاز البارد والغبار، تسمى (السديم الشمسي)، ثم انهار السديم بسبب جاذبيته وتسطَّح إلى قرصٍ مِغزَلي، بينما سُحِبَت المواُّد إلى مركز الشمس.

علقت الجزيئات الأخرى من المادة ببعضها مُشَكِّلةً كُتلًا صغيرة ُتعرف بالكويكبات، البعض الآخر تجمَّع ليشكل الأقمار، المذنبات، والكواكب، بينما جرفت الرياح الشمسية المواد الأخف بعيدًا، كالهيدروجين والهيليوم، تاركةً ورائها عوالم صخريةً صغيرة، أما في المناطق الخارجية، تشكلت عمالقة غازٍ من الهيدروجين والهيليوم بسبب ضُعف الرياح الشمسية.

تؤكد الملاحظات حول الكواكب خارج المجموعة الشمسية أنَّ نظرية التراكم الأساسي هي النظرية المهيمنة.

تملك النجوم ذات (المعادن) الأكثر ــ مصطلح يطلقه العلماء على العناصر ما عدا الهيليوم والهيدروجين ــ في مراكزها كواكبَ ضخمةً أكثر من أبناء عمومتها الفقيرة المعادن.

القرص الغير مستقر:

على الرغم من أنَّ التراكم الأساسي يعمل جيدًا مع الكواكب الصخرية، فإنَّ عمالقة الغاز تحتاج لأن تتشكل أسرع لكي تستطيع الإمساك بالكميات الهائلة من الغاز الموجودة فيها، لكن المحاكاة لم تكن قادرةً على حساب كيفية التشكل السريع لهذه العمالقة، ووفقا للنماذج فإنَّ هذه العملية تحتاج عدة ملايين من السنين، إضافةً إلى أنَّه، وفي نفس الوقت، تواجه نظرية التراكم الأساسي عدَّة مشاكل، حيث أن الكواكب الصغيرة سوف تنزلق نحو الشمس خلال مدةٍ قصيرة.

وبحسب نظريةٍ نسبيةٍ جديدة تدعى (القرص الغير مستقر)، فإنَّ كتلًا من الغاز والغبار تجمعت مع بعضها مبكرًا في النظام الشمسي، ومع الوقت، فإنَّ هذه الكتل ترتَصُّ مع بعضها مُشكِّلةً كواكب عملاقة، حيث أنَّ الكواكب المتشكلة عن طريق هذا النموذج، تتشكل بسرعةٍ أكبر من نظريتها في “التراكم الأساسي”، وأحيانًا يمكنهم في بضع آلاف من السنين حصر الزوال السريع للغازات الخفيفة، حتى يصلوا إلى الحجم المناسب للاستقرار المداري الذي يحميهم من الانحدار نحو الشمس.

تسخين وتبريد:

كجميع الكواكب، أصبح المريخ حارًّا جدًّا لأنَّه تشكَّل نتيجة اصطداماتٍ قويةٍ جدًّا، ذاب الجزء الداخلي من الكوكب، وغرقت العناصر الكثيفة كالحديد داخل المركز، مشكِّلةً النواة، في حين شكلت السيكليكات الأخفُّ الوشاح، وشكلت السيكليكات الأقل كثافةً القشرة، وربَّما احتوى المريخ على مجالٍ مغناطيسيٍّ لعدَّة مئات الملايينِ من الأعوام، لكن بما أن الكواكب تبرد، فقد مات هذا الحقل المغناطيسي.

في البداية، عرف المريخ البراكين، والتي قذفت الحمم إلى سطحه، والماء وثنائي أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، كما أنَّه لا يوجد نشاط تكتوني في المريخ، لذلك بقيت البراكين ثابتةً في مكانها، كما أعطى النشاط البركاني المريخ غلافا جويا أكثر سماكة.

الحقل المغناطيسي الذي امتلكه المريخ حماه من الاشعاعات والرياح الشمسية، ومع الضغط الجوي العالي، ربما تدفقت المياه إلى سطح المريخ، هذا ما أشارت له الدراسات.

لكن منذ حوالي 3.5 مليار عام، بدأ المريخ يبرد، وانخفضت انفجارات البراكين أكثر فأكثر واختفى الحقل المغناطيسي، ثم ذهب الغلاف الجوي الغير محميُّ بعيدًا بسبب الرياح الشمسية، في حين قُذِفَ سطح الكوكب بالإشعاعات.

ولا يمكن أن يتواجد الماء في هذه الظروف على السطح، بحيث تقترح بعض الدراسات أنَّ الماء السائل والمتجمد محصورٌ تحت سطح الكوكب.


ترجمة: وائل المشنتف
تدقيق: بدر الفراك
المصدر