تجربة خاصة لدافعة أرخميدس:
هل لعمق الجسم تحت الماء علاقة بقوة دافعة أرخميدس؟


أتذكر تلك اللعبة المشهورة في أحواض السِّباحة، عندما تغمر الكرة داخل الماء ثم تدعها لتقفز إلى السَّطح وتطير في الهواء؟

وربما جرَّبت أيضًا غمرها لمسافة أعمق ظنًا منك أنَّ زيادة العمق تؤدي إلى زيادةٍ في الارتفاع، لكنك قد حصلت غالبًا على نتائج محبطةٍ على عكس توقُّعاتك، فهل تساءلت لماذا؟

لقد حير هذا السُّؤال في ميكانيك السَّوائل الفيزيائيين لعقود، لكن في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر نُشرت دراسة جديدة في مجلَّة «مراجعة فيزياء السَّوائل – Physical Review Fluids» تقدِّم وجهة نظرٍ جديدة حول هذه الظاهرة ومن الممكن أن توضِّح مواضيع متعلِّقة بهندسة المحيطات وديناميكيَّة اختراق الماء.

استخدم فريق الباحثين من جامعة يوتا ودارتموث وبريغهام يونغ تصويرًا بسرعةٍ عاليةٍ لتوضيح سبب عدم تصرَّف الأجسام الصَّاعدة خلال سائلٍ بالشَّكل الذي نتوقعه دائمًا.

وشرح المؤلف الرَّئيسي للدراسة والأستاذ المساعد في كلية الهندسة الميكانيكيَّة في جامعة يوتا «تيد تراكسكوت-Tadd Truscott» ذلك بقوله: «يعتمد طول القفزة على سرعة الجسم لحظة اختراقه للسَّطح الحرِّ وبذلك لا يهمُّ مقدار العمق الذي تكون عليه الكرة عندما تُترَك. إضافة لذلك فهنالك العديد من العوامل التي تؤثر على سرعتها ومسارها حتى تصل إلى السَّطح».
خلال الصعود، تتشكل دوامةٌ حول الجسم تستطيع أن تحرف مساره المستقيم ليصبح مسارًا غير خطي. ويوضِّح الباحثون أنَّ الجسم الصاعد يتسارع غالبًا وفق نظام عمودي أو نظام مُذبذب.

يوضح «برندن إبس-Brenden Epps» الأستاذ المساعد في الهندسة في جامعة دارتموث والمشارك في هذه الدِّراسة ذلك بقوله: «يُظهِر النِّظام العمودي تسارعًا شبه عمودي تحت الماء ويتسبب بقفزات أكبر، أما النِّظام المذبذب فيظهر حركاتٍ دوريَّة جانبيَّة ويتسبب بقفزاتٍ أصغر، فتخترق الكرة السَّطح وتتحرَّك بناءً عليه عوضًا عن القفز إلى الهواء».

لمعرفة سلوك الجسم المتحرِّك، أغرق العلماء كراتٍ مصنوعة من مادَّة الفولاذ المقاوم للصدأ داخل وعاءٍ بأعماق مختلفة، وثُبَّتوها باستعمال كوبٍ ماصٍّ للهواء.

بعد مدّةٍ كافيةٍ تسمح للماء بالوصول لمرحلة السّكون، يُطلِق الكوب الماصّ الكرة، بوجود أربع كاميرات عالية السُّرعة متزامنة مع الإطلاق لتصوير صعود الجسم.

أجريت 664 تجربةٍ باستعمال 4 كراتٍ متعددة الأطوال والأقطار وعلى أعماق إطلاقٍ مختلفةٍ وكما كان متوقعًا حدثت أكبر القفزات عندما أُطلقَت الكرة من عمقٍ سطحيٍ وحدثت أصغر القفزات عندما أطلقت من أعماق أكبر.

لكن الدِّراسة لم تنتهِ هنا، لأنَّ جزءًا من المشكلة يعتمد عمَّا يحدث للجسم عندما يخترق سطح الماء.

فكانت النتيجة التي توصل إليها تراكسكوت هي: «ما إن يخرج الجسم من الماء، تؤثر عليه قوة الجاذبيَّة وحدها. وبالتالي يحدد ارتفاع القفزة بتحول الطاقة الحركيَّة إلى طاقةٍ كامنةٍ للجسم بعد خروجه وتجاوزه سطح الماء. لكن سرعة الكرة بعدما اخترقت السَّطح تحدد بسرعتها عند اقترابها من السَّطح والتَّغير في السُّرعة عند الاختراق».

يمكن تطبيق هذه الدِّراسة على طيفٍ واسعٍ من التَّطبيقات ويمكن أن يساعد الفهم الواضح لديناميكيَّة الخروج من الماء في الهندسة البحريَّة وعلم الأحياء البحريَّة.

فالبطاريق تخرج من الماء بعد اصطياد الفريسة أو للهرب من المفترسين. وبحسب إحدى الفرضيات فإنَّ بطاريق الإمبراطور تستعمل فقاعات الهواء خلال الصُّعود بغرض زيادة سرعة الخروج من الماء وزيادة ارتفاع القفزة. وتتضمن التَّطبيقات البحرية خروج المركبات من تحت الماء والمباني العائمة ومولدات الطاقة من الأمواج.


إعداد: غيث الحلواني
تدقيق: دعاء عساف
المصدر