فلكي هاوٍ يساعد في اكتشاف أسرار نظام شمسي ثنائي لنجم نابض


بدأ الامرُ بملاحظةِ الكلف النجميّ لنجمٍ نابضٍ مع نجمِهِ المرافق، بسرعةِ دورانٍ تقدّرُ بالملّي ثانية.
التاريخ: ديسمبر/كانون الاول 8–2016
المصدر: معهد (دونلاب) للفلك والفيزياء الفلكيّة.

شكّلَ عالمُ فيزياءٍ فلكيّة _بمساعدةِ فلكيٍّ هاوٍ_ فريقًا للكشفِ عن التّفاصيلِ المُذهلةِ لنظامٍ ثنائيّ يضمُّ إحدى أسرعِ النّجومِ النّابضةِ في مجرّتنا ونجمًا فريدًا مرافقًا له.

تُعتبرُ ملاحظاتهما _الّتي ستُنشرها مجلةُ (Astrophysics Journal) في شهرِ ديسمبر_ الأولى في فهمِ الكلف النجمي لِنجمٍ نابِض مع النجم المُرافقِ. بالإضافةِ إلى أنّها كشَفت عن وجودِ حقلٍ مغناطيسيٍّ قويٍّ ل النجم المُرافق، وقدّمت أدِلّةً على أسبابِ النّبضاتِ الضّوئيّةِ الّتي تُحدِثُها النجومُ في بعضِ الأنظمةِ الثُّنائية.

(جون آنتونياديس) _زميل معهد (دونلاب) للفلكِ والفيزياءِ الفلكيّة وزميل جامعة (تورنتو)_ و(آندريا فان شتادن) _فلكيٌّ هاوِ من جنوبِ أفريقيا_ حلّلا المُلاحظاتِ الخاصّةِ بِسُطوعِ أحدِ النّجومِ المُرافِقة الّتي رصدها (آندريا فان شتادن) من فنائِه الخلفيّ في (ويسترن كيب)، لمدّةٍ تزيدُ عن خمسة عشر شهرًا، وذلك باستخدامِ تِلسكوبِه العاكِس _الّذي يبلُغُ طولُهُ ثلاثين سنتيمترًا_ وكاميرا من نوعِ (CCD).

كشفَ تحليلُ الملاحظاتِ عن وجودِ تبايُنٍ غيرِ متوقّع في شدّةِ سطوعِ النجم .

في الثّنائيّاتِ النّجميّةِ المثاليّةِ مِن النّوعِ ذاتِه؛ تُشوّهُ الجاذبيّةُ شكلَ النجم المُرافِقِ مُعطِيَةً إيّاهُ شكلَ القَطرة. تتفاوتُ شِدّةُ سُطوعِ النجم المُرافِقِ بشكلٍ دوريّ _ارتفاعًا وانخفاضًا_ أثناءَ دورانِهِ حولَ النجم النّابض.

لوحِظ أنّ أشدّ سُطوعٍ ل النجم عندما يأخذَ شكلَ القطرةِ عند نُقطتينِ في المدار، على عكسِ ظهورِهِ بشكلٍ دائريّ في مُنتصفِ الطّريق بين النُّقطتين؛ عندها رُصد أقلُّ سطوعٍ له.

بطبيعةِ الحال، يقيسُ منحنى الضّوء زيادةَ السُّطوعِ وانخِفاضه مع الفترةِ المداريّةِ للنّجمِ المُرافق، لكن ملاحظاتُ (انتونياديس) و(فان شتادن) كشفت أنّ سُطوعَ النجم لم يكُن بالتّزامُنِ مع الفترةِ المداريّةِ الّتي تقدّر بخمس عشرة ساعةً، بل إنّ ذروةَ سُطوعِ النجم تحدثُ بِشكلٍ تدريجيّ _في وقتٍ لاحقٍ_ وِفقًا لموقِع النجم المُرافِقِ من المدار.

استنتجَ كلٌّ من (آنتونيادس) و(فان شتادن) أنّ المسبِّب لهذه الحالة هو (الكَلَف النّجميّ)، وفي نظامِنا الشّمسيّ يُدعى (الكَلَف الشّمسيّ). تبيّن أنّ الكَلف النّجميّ هو المسؤولُ عن تخفيضِ شدّة سطوعِ النجم، وأنّ الكَلَف الموجودَ على قُطرِ النجم المرافقِ أكبرَ من الكَلَفِ الشّمسيّ لِشَمسِنا.

توصّلا أيضًا، إلى أنّ النجمَ المُرافِق لم يكن مقيّدًا بالنّجم النّابض _كما هو الحالُ عندَ دورانِ القمرِ حولَ الأرض_ بل إنّ فترةَ دورانِ النجم المُرافِقِ حولَ نفسِه أقلّ بِقليلٍ من الفترةِ المداريّة؛ ممّا أنتجَ منحنًى ضوئيًّا غيرَ متوقّع. بينما كانَ وجودُ الكلَفِ الشّمسيّ دلالةً على وجودِ مجالٍ مغناطيسيٍّ قويّ؛ والّذي يُعتَبَرُ بدورِهِ شرطًا أساسيًّا لِوجود الكلف.

(فان شتادن)، فلكيٌّ هاوٍ متفرِّغٌ ولديهِ اهتمامٌ خاصٌّ بالنُّجوم النّابضة. وجد (فان) موقعَ أبحاثِ (آنتونيادس) بالمُصادَفة، والّذي يحوي قائمةً بالنُّجومِ النّابِضةِ وسرعةَ دورانِها بالملّي ثانية، مصحوبةً بخرائطَ بصريّة.

يقولُ (فان شتادن): «وجدتُ أنّ النّظامَ الثُّنائيّ (MSP J1723-2837) هو أفضلُ ما يُمكنُ مُلاحظَتُهُ من جنوبِ أفريقيا، مع أنّ المُنحنى الضوئيّ لهذا النّظام لم يُحدّد».
ويُضيف: «هناكَ شُحّةٌ في الملاحظات؛ والسّبب هو عدم توفّر الرّفاهية لاستخدام أدواتِ المراقبة الإحترافيّةِ طويلة المدى للمحترفين من جهة، وتطلّب المراقبة أوقاتًا طويلةً جدًا للهواةِ، من جهةٍ أُخرى».

وفيما يخصُّ البيانات الّتي جمعها (شتادن) يقولُ (آنتونيادس): «هذه المجموعةُ من البياناتِ لا تشبهُ أيًا ممّا رأيتُ من قبل؛ سواءٌ من ناحيةِ الجودةِ أو المدى الزمنيّ. لقد حثثتُ (آندريا) على مواصلةِ المُراقبةِ لأطولِ فترةٍ مُمكنة».

ملاحظاتٌ كَتلكَ الّتي جمعَها (شتادن) كانت حاسِمةً بشأنِ إيجادِ أجوبةٍ لأسئلةٍ حولَ تطوُّرِ العلاقةِ المعقّدةِ بين النجم النّابضِ والنّجمِ المُرافقِ في النّظامِ النّجميّ (الأرملة السوداء)؛ والّتي تبتلعُ النجمَ المُرافقَ تمامًا مثلَ الأرملةِ السّوداء والنّظام النّجميّ (redback).

في سيناريو مثالي؛ نجمٌ نيترونيٌّ حديثُ التّشكُّل، يتغذّى علي سُحبٍ من الغازِ المدفوعِ بقوّةِ الجّاذبيّةِ من النجم المُرافِقِ. كلّما زادَ النّجمُ النّابِض في الكتلةِ، زاد الزّخمُ الزّاوي وسرعةُ الدّوران.

وفي نهايةِ المطاف، يدورُ النجم النّيترونيّ _في الثّانيةِ الواحدةِ_ عدّة مئاتٍ من المرّاتِ حولَ نفسِه، وهنا يدخلُ طورًا جديدًا من مراحلِ تطوُّرِه؛ فيبدأُ بتوليدِ حُزمةٍ كثيفةٍ من الإشعاعِ نراها كنبضاتٍ ضوئيّةٍ سريعة، دلالةُ ولادةِ نجمٍ نابضٍ جديد. عند هذه النقطة، يبدأ النجمُ النابضُ بتوليدٍ كثيفٍ لأشعّةِ جاما وإطلاقِ زوبعةٍ نجميّةٍ قويّة توقِفُ تدفُّقَ الموادِّ _الّتي كان يستهلكُها النّجم النّابض_من النّجمِ المُرافق، الآن يتكثّفُ الإشعاعُ والزّوبعةُ النّجميّةُ حتّى يُبتَلعُ النّجمُ المُرافق.

ازدادت حيرةُ الفريقِ _بتعقيدِ الأنظمةِ النّجميّة الثُّنائيّة_ في السّنواتِ الأخيرةِ من مُراقبةِ النُّجوم النّابضة؛ الّتي تنطفئُ لتعود وتتغذّى على الموادّ من مُرافِقَتِها. إنّ لها قدرةً على فعلِ ذلك عدةَ مرّات.

أعتُقِدُ أنّ السّببَ وراءَ هذا التحوّلِ هو الإشعاعُ والزّوبعةُ النّجميّةُ ل النجم النّابض، ولكن كملاحظةٍ إضافيةٍ من الفريق، لا تؤثّرُ الزّوبعةُ النّجميّةُ على النّجمِ المُرافق.

تُكوِّنُ الزّوبعةُ النّجميّةُ والإشعاعُ الكثيفُ _عادةً_ بُقعًا ساخنةً على جانِب النجم المُرافق، فيبدو كما لو أنّ للنّجمِ جانبٌ مضيءٌ وآخرُ مُظلِم.

لكنّ البياناتِ الّتي جُمِعت لا تشيرُ إلى أيِّ بقعٍ ساخِنة، ممّا يعني؛ إمّا غيابُ الزّوبعةِ النّجميّةِ تمامًا، أو أنّها تهبُّ في الإتّجاهِ الآخرِ من النّجم. وفي كِلتا الحالتين، يفرضُ هذا احتماليّةَ أنّ المجالَ المِغناطيسيّ هو سببُ انطفاءِ النّجمِ النابِضِ، لا الإشعاع ولا الزّوبعة النّجميّة.


ترجمة: فادي سامح روماني
تدقيق: آلاء أبو شحّوت
المصدر