سيشهد العام 2017 تطورًا في مجال لقاح فيروس العوز المناعي المكتسب، فما هو؟


سينتقل نمط تجاري جديد من لقاح العوز المناعي المكتسب ( الأيدز ) إلى الطور الثاني من التجارب السريرية في عام 2017، بعد أن أظهرت تجارب الطور الأول بأنه آمن الاستخدام عند البشر.

سيجري اختبار اللقاح الجديد الفعال على 600 شخص في جنوب أمريكا لمشاهدة مدى قدرته أن يحول دون إصابتهم بالفيروس.

قبل أن نتحمس كثيرًا، تجارب الطور الأول كانت معدّة فقط لتظهر أن جسم الإنسان يستطيع تحمّل اللقاح جيدًا، وهي لم تظهر بالواقع إن كان بإمكانه أن يعمل كعلاج وقائي.

إلّا أنّ الباحثين وجدوا نتائج واعدة بتحريض اللقاح الاستجابة مناعية عند المرضى إيجابيّي الفيروس، الذين اختُبِر اللقاح عليهم.

» كنا متحمسين جدًا لنتائج الطور الأول «يقول شيل يونغ كانغ، قائد الفريق من الجامعة الغربية بكندا.

أظهرت التجربة أنّ لقاحنا سيحفز بصورة عامة الأجسام المضادة المُعادِلة التي تعادل ليس فقط تحت الأنماط الفردية من الفيروس، لكن تحت الأنماط الأخرى أيضاً.

ما يعني أنه بإمكانك أخذ لقاح يغطي سلالات مختلفة من الفيروس.

نُشرت نتائج هذه التجربة هذا الأسبوع في مجلة ريتروفيرولوجي، وصرح الباحثون بأنهم قد حصلوا على موافقات نظامية للبدء بتطوير اللقاح إلى مستوى أعلى، في أوائل سبتمبر العام القادم.

اللقاح معروف بـاسم SAV001، وهو مصنَّع بطريقة مختلفة كلياً عن محاولات لقاح الـHIV السابقة، باستخدام جزيئات الفيرس المقتول كليًا، المعدّلة وراثيًا كي لا تصيب الخلايا البشرية.

تعد هذه اللقاحات الفيروسية الميتة، والتي تُعرف أيضًا باللقاحات المعطّلة، أحدَ أكثر أنماط اللقاحات شيوعاً في الخارج. بدلًا من احتواء اللقاح على جزء من الفيروس، فهي تحتوي على الفيروس الكامل الذي جرى قتله أو تعديله بحيث لم يعد بإمكانه أن يسبب أذى للإنسان.

يعمل اللقاح من خلال تعريض الجهاز المناعي إلى نسخة آمنة مقتولة من الفيروس، وبذلك بإمكانه تهيئة الأجسام المضادة لمهاجمته، وسيكون بإمكانه أن يبدأ الهجوم حين تدخل نسخة حيّة من الفيروس إلى الجسم.

استراتيجية اللقاح هذه فعالة بشكل لايُصدق تجاه مجال واسع من الفيروسات مثل لقاحات البوليو (شلل الأطفال)، الرشح، ولقاح التهاب الكبد A، جميعها تحوي فيروسات مقتولة كليًا.

إلّا أنّه اللقاح المعطّل الأول الذي يُجَرَّب ضد فيروس العوز المناعي المكتسب ( الأيدز ) على الإنسان بموافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية.

السبب وراء استغراق وقت طويل لتجربة هذه الطريقة، هو تخوف الباحثين من أنه من غير الممكن فعليًا تعطيل فيروس نقص المناعة المكتسبة، كما يبدو أنّه يتطور بشكل سريع و يتجنّب دفاعاتنا.

إلّا أنّ فريق الجامعة الغربية قام بعزل بعض جينات فيروس HIV بواسطة مادة جينية مأخوذة من نحل العسل، والتخلّص من ضررها للبشر.

في تجارب الطور الأول السريرية، أخذ الفريق مجموعة من المرضى إيجابيي الفيروس، وأُعطي نصفهم الغفل وهو دواء لا يحتوي عناصر فعالة ويُقاس به التغيير الحادث للمريض نتيجة العوامل النفسية فقط، والنصف الآخر أُعطي اللقاح، لاختبار كيف استجابت أجسامهم. أظهرت النتائج بأنَّ اللقاح تمَّ تحمّله بأمان من قبل الجهاز المناعي، دون ردود فعل ضارة مسجلّة، دون أي علامات على أن اللقاح المعطّل تحول إلى الشكل الضاري.

المجموعة التي أعطيت اللقاح، كان لديها ازدياد مميز في الأجسام المضادة مسبقة الوجود لفيروسHIV ، ما يدل على أنه يمكن فعل المثل مع الأشخاص غير الحاملين للفيروس للمساعدة في حمايتهم ضده.

من الباكر جدًا أن نتحمس كثيرًا، حيث إنّ العديد من تجارب الطور الأول الإيجابية تستمر لتفشل في الخطوة القادمة.

إلّا أنّه بالواقع تمت الموافقة على تجارب الطور الثاني لتبدأ قريبًا جدًا، وهذا يعني أملًا في أنه لن يكون علينا الانتظار كثيرًا لنكتشف.

ستشتمل تجارب الطور الثاني على اختبار اللقاح على ست مئة متطوع سلبيي الفيروس في أمريكا الشمالية في أوائل سبتمبر العام القادم.

حوالي ثلاث مئة متطوع سيكونون من عامة الشعب، والثلاثمئة الأخرى من مجموعات تظهر عامل خطورة مرتفع للإصابة بالفيروس، متضمنة الرجال الممارسين للجنس مع رجال آخرين، مستخدمي الأدوية الوريدية، ممارسي الجنس، وأولئك المساكنين لشخص إيجابي الفيروس.

سيرى الفريق كيف سيطور هؤلاء الأشخاص أجسام مضادة ضد فيروس HIV، وفيما إذا كان ينقص أو لا ينقص خطورة نقل الفيروس.

» إذا كان بإمكاننا إظهار أنّ اللقاح فعال في وقاية الناس من العدوى بالفيروس، فبإمكاننا إيقاف وباء الإيدز، وهذا سيكون هائلًا، سيكون مساعدة هائلة للنوع البشري، وهذا سيجعل كل جهودنا مستحقة للعناء «كما يقول كانغ.

حتى الآن، قتل الإيدز أكثر من 41 مليون شخص حول العالم، ويُخمَّن بأنّ أكثر من 35 مليون شخص مصاب حاليًا.

الشكر للأدوية المضادة الفيروسية، الناس الحاملون للفيروس يعيشون أطول وبصحة أفضل بالمقارنة مع ماسبق، لكن رغم ثلاثين عام من البحث والكثير من التجارب إلّا أننا ما نزال نفتقد لطريقة طويلة الأمد لوقاية الناس من الإصابة في المقام الأول.

الأمل بأن هذه الخطوة ربما ستكون طريقة لتنبيه الجهاز المناعي ضد الفيروس.

»يبقى تحديد فيما إذا كانت هذه الاستجابة المناعية المحفزة باللقاح ستمنع العدوى بفيروس HIV عند البشر، لكننا نأمل« يقول كانغ.

إذا كانت تجارب الطور الثاني ناجحة، فإنّ الخطوة النهائية ستقود إلى دراسة حول العالم لحوالي 6000 مادة.

لنأمل أنّ يستمر التقدّم للتحرك سريعًا، لأنه سيكون يومًا عظيمًا بالنسبة للعالم إذا تمكنا أخيرًا أن نعلن عن لقاح ضد أحد أكثر الإصابات الفيروسية الشائعة في وقتنا.


إعداد: رنيم جنيدي
تدقيق: محمد نور
المصدر