من الصعب تجاهل آلام الصداع النصفي فهذا الصداع النَّابض يمكن أن يستمر لساعات وحتى لأيام.

وعلى الرغم من أنَّه يُصيب أكثر من 36 مليون أمريكي بين عمر الـ 15 والـ 55، إلَّا أنَّ الأسباب الدقيقة لهذه الآلام لا تزال مجهولة بشكل واسع.

ما هو الصداع النصفي «الشقيقة»؟

إنَّ الشقيقة مختلفة عن الصداع التقليدي، حيث يمكن للصداع أن يُسبِّب ضغطًا و ألمًا على جانبي رأسك يتراوح بين المتوسط وحتى الشديد، ويمكن أن يستمر من 30 دقيقة وحتى الأسبوع.

وتقول الدكتورة (كارولين بيرنشتاين – Carolyn Bernstein)، وهي عالمة أعصاب في بريغهام ومشفى النساء، ومساعِدة بروفسور عصبيَّة في مدرسة هارفارد للطب: «يُشعِرك الصداع الطبيعي وكأنَّ أحدًا قام بوضع حزام حول رأسك وبدأ بالضغط عليه»، وتُضيف: «عادةً، يمكن أن تتحمَّل الصداع الطبيعي ولكنه مزعج بشكلٍ كبير».

إنَّ أكثر ثلاثة أشكال شيوعًا للصداع هي: صداع الجيوب الأنفية، الصداع العنقودي، وصداع التوتر.

ويُعتبر صداع التوتر هو الأكثر شيوعًا بينها، ويُسبِّبه عادةً التوتر أو الشد العضلي أو القلق.

ومن جهة أخرى، فإنَّ الشقيقة هي صداع نابض ودوريٌّ، ويؤثر غالبًا على جهة واحدة فقط من الرأس.

وبالإضافة لآلام خلف العينين والأذنين، يمكن أن تُسبِّب الشقيقة الغثيان والإقياء، ومشاكل في الرؤية، وزيادة الحساسيَّة للأصوات والضوء.

ولا يعرف الخبراء بدقة ما الذي يُسبِّب الشقيقة، مع أنَّه يمكن لمرضى الشقيقة أن يُشيروا لبعض الأشياء التي يبدو بأنَّها تُحرِّض نوبات الألم لديهم.

وتشير بيرنشتاين قائلةً: «إنَّ التاريخ العائلي هو عامل مهم، لكن الأشخاص يملكون حساسيات مختلفة للمُحفِّزات المختلفة، وهذه المُحفِّزات الأخرى تتضمَّن العمر، الجنس، التغيرات الهرمونيَّة، الطعام، الكحول، وقِلة النوم».

الشقيقة والحساسيَّة الضوئيَّة:

واحد من أكثر أعراض الشقيقة شيوعًا هو زيادة الحساسيَّة الضوئيَّة، ويُدعى «الخوف من الضوء الناجم عن الشقيقة».

ويمكن أن نقول أيضًا أنَّ مرضى الشقيقة يحتاجون غالبًا للعتمة التامة وذلك للتعامل مع ألمهم.

ولكن دراسة حديثة نُشِرت في دوريَّة «الدماغ»، وهي دوريَّة في علم الأعصاب، تقترح أنَّه يمكن لبعض الألوان الضوئيَّة ألَّا تكون سيئة جدًا.

فقد اكتشف الباحثون أنَّه في حين أنَّ الصداع الناجم عن الشقيقة يزداد نتيجة الضوء بشكل عام، فإنَّ الضوء الأخضر بشكل خاص يمكن ألَّا يكون مؤذيًا كما كان يُعتقد سابقًا.

ومن خلال الدراسة، قام الباحثون بتسليط أضواء مختلفة على أُناسٍ يُعانون من الشقيقة، وذلك لدراسة التغيّرات في شدة الصداع النصفي «الشقيقة» لديهم، ومعدلات الألم، الإدراك الحسي، وانتشار الصداع النصفي لديهم من مكان نشأته.

وبالمقارنة مع الضوء الأحمر، الأزرق والأبيض، فإنَّ الضوء الأخضر قام بتخفيض شدة الصداع النصفي عند أكثر من 20% من المرضى.

وقد كان اللون الوحيد الذي خفَّض من شدة الألم، بينما ألوان الأبيض والأحمر والأزرق فقد قامت بزيادة معدلات الألم، والآلام العضليَّة بشكل كبير.

وأخيرًا، فقد وصف عدد أكبر من المرضى انتشار آلام الصداع النصفي لما بعد نقطة المنشأ عند تعرُّضهم للضوء الأزرق والكهرماني (وهو اللون الأصفر الضارب للحُمرة) والأحمر، وذلك مقارنة مع الضوء الأخضر والأبيض.

وتقول بيرنشتاين، التي ترأست القسم السريري من الدراسة: «كان من الأسهل على المرضى تحمُّل اللون الأخضر، حتى أنَّ بعضهم تحسَّن بعد رؤيته.

وبالرغم من عدم استجابة جميع الناس بنفس الطريقة، لكن بشكل عام كان هنالك أدلة كافية تُشير إلى أنَّ الضوء الأخضر كان المُفضَّل».

وعلى الرغم من أنَّ الضوء الأخضر لا يفعل شيئًا لشفاء الصداع، فإنَّ هذه الدراسة تفتح المجال لمزيد من الأبحاث والعلاجات المُحتملة والتي قد تستخدم الضوء الأخضر في طريقها.

كيف نعالج آلام الصداع النصفي «الشقيقة» اليوم؟

حاليًا، إنَّ الضوء الأخضر قد لا يكون علاجًا قابلًا للتطبيق.

وحتى الآن، فإنَّ الأدوية التي تُعالج أعراض الشقيقة مثل الألم والغثيان، توفِّر بعض الراحة.

لكن الأطباء ينصحون بأنَّ الطريقة الأفضل لعلاج الصداع النصفي هو منع حدوثه في المقام الأول.

وذلك بتجنُّب المُحفِّزات والسيطرة على التوتر والحصول على نوم كافٍ، وهي بعض الخطوات التي يمكن للناس اتخاذها.

ويضيف الأطباء أنَّه لا يجب على أحدٍ أن يُعاني من الشقيقة وحيدًا «بصمت».

وتختم بيرنشتاين قائلةَ: «يجب على الناس أن تفهم أنَّه يوجد علاج لنوبات الشقيقة الحادة، فإذا كانت هذه النوبات تؤثر في حياتك، فمن المهم أن تزور طبيبًا يستطيع علاجها بشكلٍ خاص».


  • إعداد: عماد دهان.
  • تدقيق: هبة فارس.
  • تحرير: يمام اليوسف.
  • المصدر