هل الأطفال المولودون قيصريًا سيكونون أكثر عرضةً للإصابة بالسمنة؟
وهل من طريقة للحدّ من احتمال إصابتهم بها؟


حسب دراسةٍ نُشرت مؤخرًا فالأطفال المولودون ولادةً طبيعيةً (normal vaginal delivery) وكذلك أولئك المولودون بعمليةٍ قيصرية ولكنهم تعرَّضوا للبكتيريا المهبلية الخاصة بأمهاتهم يواجهون خطرًا أقلَّ لأن يصابوا بالسمنة في حياتهم لاحقاً.

البحث قام بتحليل بيانات تخص 1.441 ولادةً بعد حملٍ كامل 37 أسبوعًا أو أكثر (full term deliveries) من مجموعة بوسطن لإحصاءات الولادة.

دراسةٌ طويلةٌ للنساء وأطفالهن أقيمت في مركز بوسطن العلمي وبتمويلٍ من منظمة الصحة العالمية.

الدراسة توصلت للتالي: مقارنةً بالأطفال المولودون ولادةً طبيعيةً فإنَّ الأطفال المولودون بعملياتٍ قيصريةٍ يملكون احتمالاً أكثر ب 40% لأن يملكوا أوزانًا زائدةً أو يصابون بالسمنة خلال مرحلة الطفولة، هذه النتائج بقيت صحيحةً حتى بعد أن أخذ الباحثون بالحسبان متغيراتٍ أخرى كالعمر، العِرق، معدل كتلة الجسم (body mass index BMI) للسيدات قبل الحمل وحتى وزن الطفل عند الولادة.

يقول نويل ت. مولر (Noel T. Mueller)، البروفسور المساعد في علم الأوبئة في جامعة جون هوبكنز والباحث الرئيسي في هذه الدراسة: ” لقد توصلنا إلى التأثير الوقائي الذي تلعبه الولادات الطبيعية مقارنةً بالقيصرية والذي كان، الأقوى، بالنسبة للأطفال المولودين لأمهاتٍ مصاباتٍ بالسمنة أو ذوات وزن زائد “.

دراساتٌ أخرى توصلت إلى أنَّ الأمهات ذوات الوزن الزائد يملكن خطرًا أكثر للحصول على أطفالٍ بوزنٍ زائد أيضا، مولر في عمله هذا يقترح بأن الولادة الطبيعية تستطيع أن تقلل هذه العلاقة المرضية بين الأجيال.

عند الولادة يتعرَّض الطفل لبكتيريا المضيف النافعة في القناة المهبلية الخاصة بأمه، الأمر الذي يعتبر كبدايةٍ لتكوين المحتوى البكتيري النافع الخاص به حسب ما يقوله مولر.

نعم، هذه هي بداية تكوّن نوعٍ من النظام البيئي المتمثل ببكتيريا الأمعاء النافعة عند الطفل والتي تستطيع أن تلعب دورًا رئيسيًا بالصحة، المرض والهضم أيضا.

أما بالنسبة للأطفال المولودين بعملياتٍ قيصرية فسيكون الاتصال الأول ببكتيريا غير بكتيريا الإنسان النافعة كأن تكون من جلد الأطباء المشرفين على الولادة أو من غرفة الولادة ربما.

من جانبٍ آخر نحن نعرف بأن ما نسبته 15% من العمليات القيصرية التي تجرى حاليًا هي ضرورةٌ طبيةٌ لإنقاذ الأم أو الطفل ولكنَّ مولر يضيف قائلًا: ” العملية القيصرية هي إجراءٌ منقذٌ للحياة ولا يمكن التقليل من أهميتها ولكن في بعض الأحيان ستزيد العمليات القيصرية غير الضرورية طبيًا من خطر الإصابة بالسمنة وأمراض أخرى ” علمًا بأنَّ واحدةٍ من أصل ثلاث ولادات، في الولايات المتحدة مثلًا، تجرى عن طريق عملية قيصرية حسب مركز الوقاية والسيطرة على الأمراض.

يقول مولر، المتخصص بدراسة السمنة ومضاعفاتها المَرَضية: ” نحتاج إلى المزيد من الدراسات للنظر فيما لو كان مسح الأطفال ببكتيريا الأم الطبيعية، العملية التي تدعى ” البذر المهبلي “، سيُمكِّن من إعطاء حمايةٍ أكثر للأطفال المولودين قيصريا”

الجدير بالذكر هو أنه في أشهر متقدمة من هذه السنة، نُشرت ورقةٌ بحثيةٌ في مجلة طب الطبيعة ” nature medicine” أظهرت بأن باحثين استخدموا طريقة مسح الأطفال ببكتيريا الأم تلك من أجل تزويد الأطفال المولودين قيصريًا بالبكتيريا المهبلية الخاصة بالأم، ويعلّق مولر : ” ما نريد فعله الآن هو انجاز دراسةٍ كبيرة فالخطوة القادمة يجب أن تكون شحذ ما قد يُعتبر وسيلةً وقائيةً ضد المضاعفات المترتبة على العملية القيصرية لأنَّ الكثير من علامات الاستفهام التي تدور حول هذا الموضوع لازالت بحاجةٍ إلى إجابة ”

بقي أن نقول بأنَّ كلَّ هذا الاهتمام بتكوين بكتيريا نافعة في أمعاء الطفل نابعٌ من التقنيات المتقدمة التي تدرس تتابعية دنا ( DNA ) البكتيريا في الخمس عشرة سنةً الأخيرة والتي ساعدت العلماء على فهم كيف أن البكتيريا في الجهاز الهضمي تساعد بشكلٍ أساسي في صحة الإنسان.

يختم مولر قائلا:” وجدنا بأنَّ هناك بكتيريا نافعة تساعد على الحفاظ على صحة الإنسان أكثر بكثيرٍ من تلك البكتيريا المَرَضية، الأمر الذي جعلنا نقدِّر البكتيريا بطرقٍ لم نكن نتبعها سابقا “.


ترجمة : د. علاء سالم
تدقيق : بدر الفراك
المصدر