تحذير: قد يحمل المقال كشفًا لبعض التفاصيل الواردة في الحلقات السابقة والقادمة للمسلسل، إذا كنت من متابعيه ولا تودُّ أن تحرق التفاصيل، يُفضَّل عدم مواصلة القراءة.

شيءٌ غريب يحدث في «ويستوورلد Westworld».

يتفاعل الضيوف في المسلسل مع مُضيفين أذكياء اصطناعيًّا، ليكونوا طرفًا في كُلِّ الجنس والعنف اللذين يُصاحبان قصَّة حياة هذه الشخصيًّات.

وكُلُّ ذلك تحت أنظار أشخاص، يمكن اعتبارهم كمُصممي لعبة ويستوورلد Westworld.

طيلة أحداث المسلسل، يواجه مُشاهِد ويستوورلد Westworld كُلّ أنواع الأسئلة الصعبة -بشكل أساسي الأسئلة العلميَّة والفلسفيَّة- حول العلاقة بين التكنولوجيا والبشر.

في حين لا نستطيع أن نجزم فيما إذا كان المسلسل سيجيب عن تلك الأسئلة أم لا، سنذكر في هذا المقال بعضًا من الأسئلة المثيرة التي قمنا باصطيادها إلى هذا الحين.

هل نعيش في مُحاكاة؟

كُلّ الأشخاص في عالم الويستوورلد Westworld ينهضون صباحًا من أجل القيام بنشاطاتهم المختلفة -العمل، الشرب، المصارعة أو أي شيءٍ آخر- وهم يجهلون حقيقةً أنَّ كُلَّ وجودهم هو عبارة عن مُحاكاة لعالَم حقيقي صُنِع من طرف مُصممي الحديقة.

فالفيزيائيون والفلاسفة في عالِمنا يقولون ذلك أيضًا، فلا يمكن أن نُثبت أنَّنا لا نعيش في محاكاة كمبيوتر مشابهة.

ويظن البعض أنَّه إذا كان الأمر صحيحًا، فبإمكاننا «الهروب» عبر ملاحظة أية أخطاء واردة في النظام، وتُحاول الروبوتات في عالم الويستوورلد Westworld أن تجمع المعلومات حول هذا الأمر.

هل بإمكاننا التحكُّم في الذكاء الاصطناعي؟

في كُلِّ مرَّة تستيقظ فيها الحديقة «أو يُعاد تشغيل المُحاكاة؟»، يجدر بالمُضيفين القيام بالأعمال الروتينيَّة المألوفة، وأن يلعبوا دورهم حتى يتدخل أحد الضيوف في القصة.

فبإمكان الضيف أن يخوض مغامرة مع المُضيف -أو أن يغتصبه ويقتله.

لكن، عندما يُعاد تشغيل القصة، يتم مسح ذكريات المُضيف.

ومن المفروض أن تكون الأمور هكذا. لكن ولسبب معيَّن، يبدو أنَّ بعض المُضيفين يتذكَّرون حقًّا حيواتهم السابقة المُقلقة.

وقد يعود هذا إلى تحديث للبرنامج قام بتصميمه مؤسس الحديقة، الدكتور (روبرت فورد- Robert Ford)، «لعب دوره أنتوني هوبكينس- Anthony Hopkins»، أو أنَّ ذلك يتعلَّق بمُساعِده في تأسيس الحديقة، الشخص المدعو أرنولد.

لحسن الحظ، ولأسباب مختلفة، يقول الباحثون في الذكاء الاصطناعي اليوم أنَّ التحكُّم في الذكاء الاصطناعي هو خرافة، وأنَّه باستطاعتنا التحكُّم في البرامج الذكيَّة.

لكن من جهة أخرى، بعض علماء الحاسوب واللغة يؤكدون إمكانيَّة تعلُّم الأجهزة للاستماع والكلام كالبشر تمامًا -وتستطيع بعض الأجهزة فعل ذلك اليوم لكن في مستوى محدود.

الأجهزة الذكيَّة لعالَم Westworld، كم هي بعيدة عن منالنا؟

خلف الستار في مقر قيادة ويستوورلد Westworld، تقوم أجهزة تصنيع متطورة بطبع أجساد المُضيفين ثلاثيَّة الأبعاد باستعمال مادة بيضاء لزجة غريبة.

ربما هي مصنوعة من روبوتات صغيرة أو نسيج مُعدَّل جينيًّا، أو ربما هو مجرَّد بلاستيك يتم التحكُّم فيه فيما بعد باستعمال تكنولوجيا مُتقدِّمة لم نصل إليها بعد.

وهناك العديد من الغموض هاهنا، فمثلًا في حلقة معينة «عندما يقوم مُضيفٌ بسحق رأسه باستعمال حجر»، نجد أنَّ جزء «التفكير» في الجهاز موجود في الرأس دون شك.

لكن ما هي مكوناته؟ وما الذي يمدُّ هذه الأشكال الغريبة بالطاقة؟ وكيف يتم إعادة شحن البطاريَّات؟ وكيف يشعرون بالألم والمتعة؟

لا شيء كهذا موجود في عالِمنا الحقيقي، لكن الباحثين اليوم يعملون برفقة أصحاب الأموال من أجل تطوير الروبوتات المبرمجة، مع مصادر طاقة فائقة الكثافة وتصغير للمكونات «البعض منها يصل إلى المقياس الذري»، ويعملون على أشياء أخرى قد تقود في النهاية إلى خلق إنسان اصطناعي مُقنع.

ما هو الوعي؟

في حلقة من المسلسل، يشرح مؤسس الحديقة فورد لـبرنارد هوس مُساعده آرنولد بفكرة «خلق الوعي» في الروبوتات المُضيفة لويستوورلد Westworld. فقد منحهم الذاكرة، الإرتجال والمصلحة الشخصيَّة، لكنه كان يبحث عن مفتاح واحد نحو الوعي قبل موته. فهل وجده؟

هذا أمر معقد حقًّا، لأنَّ العلماء حاليًّا يجهلون الشيء الذي يقف وراء منح الإنسان وعيه الذاتي.

لكن العديد من العلماء يؤمنون بوجود عدة مستويات للوعي لدى الكائنات الأخرى -فهل قامت الروبوتات بتطوير ذلك لدرجة معيَّنة؟

على الرغم من ذلك، بعض الباحثين لا يعتقدون بضرورة وجود الوعي كشرطٍ أساسي من أجل إلحاق الأذى بالناس.

هل بإمكان الروبوتات التطور؟

«قام التطور بشحذِ كُلِّ الحياة على هذا الكوكب باستعمال أداة واحدة: هي الخطأ». كانت هذه كلمات فورد لبرنارد في العرض الأول للموسم -وهو ما تمتم به برنارد لدولوريس فيما بعد في إحدى محادثاتهم الليليَّة الغريبة.

هل بإمكان الروبوتات التطور، وهل بإمكان ذلك أن يكون سببًا في ارتفاع درجة الوعي؟ وهل سيمنحهم ذلك قدرات أخرى، مثل إمكانيَّة إلحاق الأذى بالمُضيفين، وهو ما لم يتم برمجتهم لفعله؟

علماء مثل (ستيفن هوكينج- Stephen Hawking) يجدون التخوف من تطور الروبوتات كاحتمال واقعي.

لكن الذكاء الاصطناعي ليس من نقاط قوة هوكينج، كما كان الخبراء الذين تم استجوابهم من طرف بيزنس إينسايدر واثقين لدرجة كبيرة أنَّ الأجهزة المستقبليَّة ستقوم بفعل الأشياء التي بُرمِجت عليها، ولا شيء أكثر من ذلك.

لكن رغم ذلك، فإنَّ نُظم الشبكات العصبيَّة الحالية تتعلَّم كيفية تعليم نفسها حِيلًا جديدة، على غرار Google DeepMind «الذي قام بتعليم نفسه كيفيَّة الكلام مؤخرًا».

ما هي الإرادة الحُرَّة؟

مع الادعاء بعدم وعيهم، يقول فورد أنه ليس للروبوتات إرادة حُرَّة.

حيث يقول لأحد أعضاء طاقم ديلوس، وهو يقوم بسلخ وجهِ أحد المُضيفين بسكين «إنَّهم يشعرون بما نطلب منهم أن يشعروا فحسب».

رغم ذلك، نجد العديد من التلميحات حول وجود بعض من الوعي لدى المُضيفين يتجاوز برمجتهم.

ومع تطوير الوعي، هل قام المُضيفون بتطوير قدرة اتخاذ قرارات حول الأشياء التي يريدونها في ذلك العالَم؟

إنه سؤال صعب، لأننا نختلف حتى الآن حول حقيقة امتلاكنا لإرادة حُرَّة -فحجم القرارات التي نتخذها وحجم التأثيرات التي تتعرَّض لها تلك القرارات من برمجتنا، وذلك عبر الوراثة والتربية.

ربما، وصلت روبوتات ويستوورلد Westworld لتلك المرحلة من الأسئلة أيضًا.

كيف نتصرف مع غياب للحدود؟

تبدو ويستوورلد Westworld مثل بثٍ حيٍّ للعبة Gran Theft Auto (أو لعبة Red Dead Redemption) حيث يقوم اللاعبون –الضيوف- بإتباع القصة والمشاركة في «المهام» المُقترحة من طرف المُضيفين، أو باستطاعتهم افتعال الفوضى في العالم المفتوح بدلًا عن ذلك.

فالبعض مثل لوغان «والذي أدَّى دوره Ben Barnes»، الذي يظن أنَّ استعمال هذا النظام سيكشف عن حقيقتهم.

حيث يقول لويليام (الذي أدَّى دوره Jimmi Simpson) في إحدى الحلقات: «هكذا ستعرف حقيقتك».

ويوحي المسلسل بانحراف معظم الناس إذا ما مُنِحت لهم الفرصة لذلك.

ما الذي قد يفعله وباءٌ شامل للعالم؟

لا زلنا نجهل سبب التغير في مُضيفي ويستوورلد Westworld وما الذي يجعلهم يتذكَّرون ماضيهم.

وكما تُبدي المبرمجة السلوكيَّة في المسلسل إلسي «Shannon Woodward»، يبدو الأمر مُعديًا.

وعندما همس دولوريس لماييف «Thandie Newton» مقولة شكسبير: «هذه اللذات العنيفة لها نهايات عنيفة» تبادر أمرٌ على خاطرها.

وتُعتبر الأوبئة من بين أبرز المخاطر في عالِمنا الفعليّ، ويستحيل أن نُحضِّر أنفسنا لاستقبالها تقريبًا.

كما يبدو أنَّ عالم الويستوورلد Westworld له حصته من القابليَّة للإصابة بالتهديدات الفيروسيَّة.

هل سيُسيء البشر استعمال الروبوتات الذكيَّة؟

في عالم ويستوورلد Westworld، بإمكان الضيوف شرب الخمر حدَّ الثمالة أو إطلاق الرصاص على المُضيفين. وهم يفعلون ذلك في المسلسل «كثيرًا».

إنَّ إساءة استخدام الروبوتات يبدو كمشكلة حقيقيَّة في المستقبل، لكن العلماء والمهندسين يقومون حاليًا بدراسة الظاهرة بشكلٍ كثيف -وتعليم أجهزة الـ mechanoids تفادي الأضرار من مهاجميهم.

ففي دراسة لسنة 2015، قام باحثون بدراسة قيام طفل بضرب وقذف أشياء على روبوتات في مركز تجاري عمومي.

ثم قاموا بتحويل تلك البيانات إلى خوارزميات مُصمَّمة لتفادي التسبُّب بأضرار لتلك الروبوتات.

هل بإمكاننا تحميل عقولنا في آلات؟

في حلقة من حلقات المسلسل، يقوم فورد بتذكير برنارد بأنَّ التطور البشري قد قام بحل كُلِّ المشاكل، مثلًا: الموت.

في ذلك الحين، كان الرجل في الزي الأسود «Ed Harris» يبحث عن متاهة سريَّة في الحديقة، قد تكون مفتاحًا لكُلِّ شيء.

وهنا قد يبرز اقتراحٌ قويّ للغاية، قد يكون إشارة إلى «تحميل العقل» -وهي فكرة تقوم على إعادة وضع الدماغ في آلة، وقد يقوم ذلك بكسر الأغلال التي تُكبِّل أجسامنا الرهيفة التي وُلِدنا بها وتقودنا إلى مرحلة أخرى من حياة لا تعرف الموت.

لكن الواقع اليوم، أنَّنا لا نعلم حتى كيفيَّة عمل الخلايا العصبيَّة الفرديَّة لدماغنا، دون ذكر العلاقات بينها- وكيف تعمل كُلُّ هذه الخلايا من أجل تشكيل الوعي والشخصيَّة.

وحتى إذا ما توصَّلنا إلى فهم ذلك، فإنَّ تحويل العقل إلى آلات قد يكون مستحيلًا حسب قوانين الفيزياء.


  • إعداد: وليد سايس
  • تدقيق: هبة فارس
  • تحرير: يمام اليوسف
  • المصدر