هل يمكن تذوق الضوء؟


اكتشف فريق دولي من العلماء بقيادة جامعة ميشيغان نوعًا جديدًا من المُستلِمات الضوئيَّة – ثالث نوعٍ من المُستلِمات الضوئيَّة المُكتَشفة في الحيوانات – والذي يتفوَّق في كفاءته في امتصاص الضوء على (الرودوبسين- Rhodopsin) «المُستلِم الضوئي الموجود في العين البشريَّة» بمقدار 50 ضعفًا.

فالبروتين المُكوِّن لهذا المُستلِم الجديد والذي يُدعى «LITE-1»، وُجِد ضمن عائلة من المُستلِمات الذوقيَّة في اللافقاريات، وقد أظهر خصائصًا غير مألوفة قد تجعل له العديد من التطبيقات المستقبليَّة من الواقيات الشمسيَّة إلى أدوات البحث العلمي.

وقال (شاون زو- Shawn Xu)، المسؤول عن هذا البحث: «أبرزت تجاربنا أيضًا احتماليَّة قُدرتنا المستقبليَّة على هندسة أنواع جديدة من المُستلِمات الضوئيَّة وراثيًا».

وقد اُكتُشِف هذا المُستلِم الضوئي «LITE-1» في نوع من الديدان عديمة العينين، ذات المللي متر الواحد طولًا، والتي تُعرف بـ (الديدان الاسطوانيَّة- Nematodes) والتي يكثر استعمالها في البحوث البيولوجيَّة.

ويقول زو: «في الحقيقة يتحدَّر LITE-1 من عائلة من بروتينات المُستلِمات الذوقيَّة التي اُكتُشِفت لأول مرة في الحشرات، ولكنها على أي حال تختلف عن المُستلِمات الذوقيَّة الموجودة لدى الثدييات».

وأظهر مختبر زو للأبحاث مسبقًا أنَّ هذه الديدان رغم افتقارها للعينين، إلَّا أنَّها تتحرَّك بعيدًا عند تعريضها لومضات ضوئيَّة.

واستطاعوا أن يتقدَّموا خطوةً أخرى إلى الأمام في هذا البحث الجديد، حيث أظهروا أنَّ «LITE-1» يمتص الضوء بصورة مباشرة وليس مجرد عامل وسطي يتحسَّس المواد الكيمياويَّة الناتجة من تفاعلات يشترك فيها الضوء.
«كما في يحدث في عيون الحيوانات مثلًا».

«المُستلِمات الضوئيَّة تُحوِّل الضوء إلى إشارات يستطيع الجسم أن يستعملها. ويُعدُّ LITE-1 فريدًا من نوعه لكفاءته العالية في امتصاص كُلٍّ من الأشعة فوق البنفسجيَّة نوع A و B، من 10 إلى 100 مرة أكثر من النوعين الآخرين من المُستلِمات الضوئيَّة الموجودة في المملكة الحيوانيَّة وهما: (الأوبسين- OPSIN) و(الكريبتوكروم- CRYPTOCHROME).
وستكون الخطوة القادمة هي أن نفهم بصورة أفضل ما سِر كُلِّ هذه الخصائص المذهلة».

وكذلك يُشير زو إلى وجود اختلاف كبير في الشِفرة الوراثيَّة للبروتينات المُكوِّنة لهذه المُستلِمات عن الأنواع الأخرى من المُستلِمات الضوئيَّة الموجودة في الحيوانات والنباتات والمايكروبات.

ويظن الباحثون بوجود أكثر من طريقة للإستفادة المستقبليَّة من نتائج بحثهم الحالي، على سبيل المثال يمكن إضافة «LITE-1» إلى الواقيات الشمسيَّة لتقوم بامتصاص الأشعة الضارة.

كما وحدَّد الباحثون ضرورة وجود الحامض الأميني (تريبتوفان- Tryptophan) في موضعين مختلفين في البروتين «LITE-1» ليكون قادرًا على العمل.

وعندما قاموا بتعديل بروتين آخر من نفس العائلة ولكنه غير مُتحسِّس للضوء، يُدعى
«GUR-3»، عن طريق إضافة الحامض الأميني تريبتوفان إليه، اكتسب هذا البروتين القدرة على تحسُّس الأشعة فوق البنفسجيَّة بقوة، ما يُقارب ثلث قابليَّة الامتصاص التي يمتلكها «LITE-1»، وهذا ربما يفتح الآفاق للعلماء ليتمكَّنوا بواسطة الهندسة الجينيَّة من اكتشاف أنواع جديدة من المُستلِمات الضوئيَّة مستقبلًا.


ترجمة: د.علي حسين جابر
تدقيق: هبة فارس
المصدر