هل توجد صلة بين العمر وإمكانية تحقيق أكثر الاكتشافات العلمية تأثيرًا؟


توصلت دراسةٌ جديدة إلى عدم وجود صلةٍ بين العمر وأكثر الاكتشافات العلمية تأثيرًا، مؤكدةً إمكانية نجاحِك علميًا أينما كنت في مسيرتك المهنية، وحلَّل الباحثون الحياة المهنية لأكثر من 10,000 عالِم، ليجدوا أن “الأبحاث ذات الأثر الكبير” (تلك التي كثيرًا ما تُقتَبس) وقعت على نقاطٍ مختلفة من الخطوط الزمنية لهؤلاء العلماء.

ويعني هذا الأمر أنَّ احتمال تحقيقِ دراساتٍ رئيسيةٍ ذات تأثيرٍ كبيرٍ يتساوى بين بحث العالم الأول وبحثه الأخير، كما يتساوى مع كل البحوث التي تُنجَزُ بينهما، لكن البيانات أظهرت أن الإصرار أيضًا ذو أهميةٍ كبيرة، لذا، فالعامل الأول هو المحاولة، ثم المحاولة مجددًا، إذا ما أردت لاسمكَ أن يلمع في هذا المجال.

وعبَّرت إحدى الباحثات، روبرتا سيناترا من نورث إيسترن يونيفيرسيتي قائلةً “لقد أدهشنا ما وجدناه”، وقيَّم الفريق العلماء وأعمالهم المنشورة في 7 مجالات، بما فيها الفيزياء، والكيمياء، والاقتصاد، والعلوم المعرفية، مركِّزين على الباحثين الذين استمرت حياتهم المهنية 20 عامًا على الأقل.

وتمَّت إضافة الأبحاث المنشورة تحت مظلة Physical Review بين 1893 و2000 إلى البيانات المجموعة من Google Scholar وWeb of Science على الانترنت.

%d8%b9

ولقياس مدى نجاح بحثٍ ما، تمَّ اعتماد ثلاث متغيرات: الحظ، والإنتاجية، وحجم الأثر المستدام، أو مدى اقتباس هذا البحث من قِبَل علماء آخرين، وتم اعتماد الحرف Q للمتغير الأخير.

تعلَّقَ الحظ بالإصرار، كشِراء تذاكر اليانصيب أو رمي الزهر، “كلما حاولتَ أكثر، كلما زادت فرصك” حسب سيناترا، واعتمدت الإنتاجية على عدد الأبحاث التي نشرها كلُّ عالم، بينما مثَّل عامل Q، مدى تأثير الأبحاث، قدرة الشخص على توسيع أثر الدراسة بأكبر شكلٍ ممكن.

يقول الباحث الرئيسي ألبرت-لاسلو بارباسي “يُمثل العامل Q مجموعةً تتكوَّن من القدرة، والتعليم، والمعرفة، أي قدرةُ العالم على التقاط فكرةٍ وتحويلها إلى اكتشافٍ علمي”، ووجد الباحثون أن العامل Q غالبًا ما يبقى ثابتًا عبر حياة العالم المهنية، ما يتناقض مع فكرة أن العلماء يملكون احتمالًا أكبر في نشر بحثٍ مُهِمٍّ إذا ما صاروا أكثر خبرةً لاحقًا في حياتهم المهنية.

وقد يساعد العامل Q في التنبؤ بالاكتشافات العلمية الضخمة في المستقبل على حد قول الباحثين، فمثلًا، إذا وُجِدَ عالمٌ بمستوى Q عال، ويستمرُّ بنشرِ الأبحاث بشكلٍ دوري، فإنَّ البحثَ ذو التأثير العالي لن يكون إلَّا مسألة وقتٍ لا أكثر.

إضافةً إلى ما سبق، قام الفنانُ والمصمم في جامعة ماورو مارتينو بتصميم تجسيدٍ بصريٍّ رائعٍ يُوَضِّح مدى عشوائيةِ حصولِ النجاح على مدى السيرة المهنية العلمية لأحدهم، وتجد المقدمةَ للفيديو هنا

يرغب الباحثون الآن بالنظر بشكلٍ أكثر دقةً إلى متغير Q وتعريف العوامل المؤثرة عليه، ويشرح بارباسي قائلًا: فهم القوانين والنمطيات التي تحكُمُ حياتنا المهنية قد يحسِّن الإنتاج العلمي بشكلٍ كبير، كما قد يساعد في تحديد الأشخاص الذين سيقومون بالاكتشافات الكبيرة ورعايتهم، وتشجيع المجتمع العلمي على تقديم الموارد والفرص للقيام بهذه الاكتشافات.
الخلاصة من البحث هو ألَّا تستسلم أبدًا، ولا تدع أي شخصٍ يقول لك أنك غير قادرٍ على تشكيل أي فارق، لن تكون يومًا أصغر أو أكبر من أن تترك أثرك على العلوم.
تم نشر هذه الدراسة الآن على مجلة Nature


ترجمة: حازم رعد
تدقيق بدر الفراك
المصدر