هل يحدد تاريخ ميلادك نوع الأنفلونزا التي ستصاب بها؟


قد يبدو ما نقوله تنجيمًا، لكن واحدة من أكثر المجلات العلمية رُقيًّا نشرت تقريرًا يقول إنّ تاريخ ميلادك يحدد أنماط الأنفلونزا الأكثر شيوعًا التي تحمل خطورة الإصابة بها.

إنّ هذه النتيجة تحل لغزًا موجودًا منذ أمد طويل حول الطريقة التي تتفشى فيها جائحات* الأنفلونزا، ما قد يساعد هذا في التحكم بالأوبئة المستقبلية.

غالبًا ما تكون إصابات الأنفلونزا أخطر بالنسبة للأشخاص الأكبر عمرًا، والصغار جدًّا، والمرضى ضعيفي المناعة، لكن بعض الجائحات لا تطيع هذه القاعدة.

فمثلًا، تصيب السلالة «H5N1» بشكل رئيسي صغار السن، فيما تشكل السلالة «H7N9» رعبًا في مآوي العجزة.

إنّ النتائج المدمرة لجائحة الأنفلونزا الإسبانية في عامي 1918-1919 أظهرت أنّ معظم أولئك الذي ماتوا بسببها كانوا من البالغين الصغار أو متوسطي السن.

وبتفسير هذه المسائل، يسابق علماء الفيروسات الزمن ليحضّروا العالم اليوم لما يرونه جائحة مستقبلية لا مفر منها.

في مجلة ساينس (science)، قدم فريق بحثي حلًا محتملًا لهذه المشكلة، وذلك بقيادة البروفيسور جيمس لويد سميث من جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس UCLA.

يقترح كاتبو البحث أنّ هناك تشابهات بين سلالات من الفيروسات تبدو مختلفة ظاهريًا، وأنّ العدوى خلال الطفولة بسلالة فيروسية تؤمن حماية جزئية تجاه سلالات كانت تعتبر أن لا علاقة بينها سابقًا.

إنّ الأشخاص من جيل محدد أكثر احتمالًا لأن يصابوا بسلالات فيروسية محددة، وعندما يتعرضون لسلالة مختلفة.

لكنّها بشكل ما مرتبطة بالسابقة، فإنّهم يكونون أقل احتمالًا لأن يمرضوا بشدة بسبب السلالة الثانية.

إنّ هذا النمط من الحماية المتصالبة مقبول علميًا بشكل واسع، لكن لويد سميث يقترح أنّها تنطبق على تنويعات من الفيروسات أكثر من التنويعات المعروفة لنا سابقًا، إذ أنّ كل الأنماط المعروفة لفيروس ما موجود في مجموعة ما، تؤمن الحماية تجاه باقي أعضاء هذه المجموعة.

إنّ الدليل على ذلك يأتي مع الاكتشاف أنّ بعض الأشخاص محصنون تجاه فيروسات أنفلونزا محددة تصيب الحيوانات، ولكن لم يسبق لها أن أصابت البشر.

وبالتالي هم يملكون هذه المناعة التي لا يمكن أن تكون قد أتت من إصابة سابقة بهذه السلالة الفيروسية بالتحديد ولا من اللقاح.

بالبحث والاستقصاء عند الأشخاص الذين لديهم مناعة تجاه سلالات محددة، تمكن لويد سميث وزملاؤه من وضع عدة تنويعات فيروسية ضمن مجموعات معًا.

فبين الأشخاص المولودين في سنوات محددة والذين كانوا أكثر احتمالًا للإصابة بجائحات فيروسية معينة عندما كانوا صغارًا جدًّا، وجد الباحثون مناعة مشتركة، وهذا ما وصفوه بـ «بصمة الطفولة».

يقول لويد سميث في تصريح له: «إنّ نتائجنا تظهر وبوضوح أنّ بصمة الطفولة تعطي حماية قوية تجاه الإصابة الشديدة أو الموت الذي يمكن أن ينتج عن سلالتين أساسيتين من أنفلونزا الطيور».

تعتمد السلالة التي يكون الشخص محميًا تجاهها بشكل كبير على السنة التي ولد فيها، ويظهر أنّ عام 1968 هو نقطة التحوّل.

إنّ الأميركيين المولودين قبل هذا التاريخ أكثر احتمالًا لأن تكون حصانتهم ضد السلالة «H7N9» أكبر من حصانتهم ضد السلالة «H5N1»، بينما يملك المولودون بعد هذا التاريخ مناعة نسبية تجاه «H5N1».

إنّ هذا النمط من المناعة لا يحمي بشكل دائم من الإصابة بالفيروس، لكنّه سيخفف من شدة الأعراض في حال الإصابة.

في الحالة الطبيعية يكون الأشخاص الأكبر عمرًا هم الأكثر عرضة للإصابة بالأوبئة، لكن في عام 1918 لم يكونوا كذلك، ربما لأنهم كانوا يملكون بعض الحماية نتيجة إصابتهم سابقًا بسلالة ظهرت ثم اختفت قبل أن يولد أولئك الذين كانوا يافعين أو في العشرينات من عمرهم عند حدوث الجائحة.

يجب أن يستفيد موظفو الصحة العامة من هذه النتائج عند حدوث الجائحات، لأنها تسمح لهم أن يتوصلوا للأشخاص الأكثر حاجة للحماية، ويمكن لهذه النتائج أن تساعد في تصميم لقاح عالمي للأنفلونزا مستقبلًا.

*الجائحة: هي وباء ينتشر بين البشر في مساحة كبيرة كقارة مثلًا. ويسمى الانتشار الواسع لمرض ما بين الحيوانات «جارفة».


ترجمة: علي عبدالكريم أحمد
تدقيق: عبدالسلام محمد
المصدر