الرياضيَّات في ثوب الضحيَّة، لكن من المتهم؟


دراسة حديثة تقترح أن يقوم الفيزيائيون على تفادي الأعمالَ التي تحتوي على كثير من التفاصيل الرياضيَّة، على الرغم من درايتهم بالرياضيات المتقدمة.

وتظهر هذه الدراسة إهتمام علماء الفيزياء الضعيف بالنظريَّات المتخمة بالتفاصيل الرياضيَّة، ما يشي بوجود حواجز حقيقيَّة و واسعة عند مناقشة الأعمال الرياضيَّة، ولا يعود هذا إلى افتقار الفيزيائيين للمهارات الرياضيَّة، أو بسبب إعتبار التفوق في الرياضيَّات وصمة عارٍ في المجتمع.

لقد استعمل كلٌّ من الدكتور تيم فاوسيت (Tim Fawcett) و الدكتور آندرو هيجينسون (Andrew Higginson) من جامعة إكستر، تحاليل إحصائيَّة من أجل الوقوف على عدد الإقتباسات التي حصلت عليها ألفي مقالة علميَّة نُشرت في مجلَّة فيزيائيَّة مرموقة، ووجد الباحثون أنَّ المقالات التي وردت فيها معادلات رياضيَّة كثيرة في كل صفحة، لم تكن لتُستعمل بكثرة كمرجع للفيزيائيين الآخرين.

في هذا الصدد يقول الدكتور هيجينسون : “لقد أظهرنا مسبقًا تجنب علماء البيولوجيا للمعادلات لكننا متفاجئون لهذه النتائج، لأنَّ علماء الفيزياء بارعون في الرياضيَّات عامةً.

“إنَّها قضيَّة مهمة لأنَّها قد تُظهر وجود فصلٍ بين النظريَّة الرياضيَّة و العمل التجريبي.

وهذا يشكل حاجزًا عظيمًا محتملًا لأيّ نوع من التقدم في العلم.”

نتائج هذه الأبحاث تقترح أنَّ تحسين العمل التدريبي لخريجي المواد العلميَّة لن يفيد، لأنَّ طلاب الفيزياء يحصلون بالفعل على تدريب شامل في الرياضيَّات قبل التخرج. بدلًا عن ذلك، يعتقد الباحثون أنَّ الحل يكمن في اتصالٍ أوضحَ للأعمال التقنيَّة المتقدمة، كأخذ وقتٍ كافٍ مثلاً في تفسير معنى المعادلات.

يقول الدكتور فاوسيت : “يجب أن يفكرُّ الفيزيائيون بحرصٍ أكبر في طريقة عرضهم للتفاصيل الرياضيَّة في أعمالهم، من أجل شرح النظريَّة بطريقة تسمح لزملائهم بفهمها سريعًا.

تدقيق التفاصيل في مقال تقني يتطب وقتًا ــ حتى بالنسبة لأساتذة الفيزياء المرموقين ــ لذلك وبسبب كثرة الطلب على وقتهم، يفضل العلماء على الأرجح تجاهل المقالات التي تستلزم وقتًا طويلًا للفحص.”

يضيف الدكتور هيجينسون من جهته : “الأمر المثالي أن يتم تحديد أثر العمل العلمي بالعودة إلى قيمته العلميَّة، بدلًا عن طريقة التقديم.”

“لسوء الحظ، بعض الأوراق العلميَّة القيّمة قد يتم تجاهلها إذا لم تكن في المتناول.

كما سبق و قلنا : على العلماء الذين يهتمون بالحوار بين النظريَّة و التجربة أن يأخذوا هذه القضيَّة على محمل الجد، بدل إدعاء عدم وجودها.”


ترجمة : وليد سايس
التدقيق: أسامة القزقي

المصدر