داء الشيغيلّات المقاوم للأدوية المتعددة: عدوى تنتقل جنسيًا!


قد تكون عدوى الشيغيلا المقاومة للأدوية المتعددة (Multidrug-resistant Shigella) (MDR) قيد الانتشار بين المرضى البالغين بطريقة ربما لم تأخذها بعين الاعتبار، وهي الانتقال الجنسي، فبالرغم من انتقال داء الشيغيلّات بالشكل الأكثر شيوعًا بين الأطفال الصغار ومقدمي الرعايةَ لهم، وثّقت العديد من التقارير الحديثة اجتياحات لداء الشيغيلّات وخطرًا متزايدًا لذاك المقاوم للأدوية المتعددة (MDR shigellosis) على الذكور الذين يمارسون الجنس مع ذكور آخرين (يشار لهم بـ MSM)، فيمكن للجنس الفموي-العاني غير المحميّ والتماس العاني-اليدوي والممارسات الجنسية الأخرى التي تعرّض المرضى للبراز، أن تنقل داء الشيغيلّات.

تبدو الشيغيلّات الممانعة لمضادات الميكروبات أكثر شيوعًا عند الـ (MSM) حاليًا من المجموعات الأخرى من البشر في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن الجرعة المعدية بالغة الصغر للشيغيلّا جعلت الانتقال إلى الشعوب الأخرى مرجّحًا، بكل حال يمكن للسريرين أن يساعدوا في منع سلالات (MDR shigellosis) من الانتشارعن طريق المحافظة على عتبة متدنية لإجراء مزارع للبراز واختبارات الحساسية للمضادات الميكروبية بين المرضى الذين يُشكّ بإصابتهم بداء الشيغليات، وإرشاد هكذا مرضى أثناء المقابلة السريرية الابتدائية عن الخطوات التي عليهم اتخاذها لتقليل انتقال العدوى إلى أحبائهم وللمجتمع.

داء الشيغيلات (Shigellosis):

سببه مجموعة من البكتيريا سلبية الغرام تدعى الشيغيلّا (Shigella)، ويميَّز بإسهال مائي أو مدمّى، وألم في البطن، وأحيانًا بحمّى وتوعّك لمدة تتراوح بين 4 إلى 7 أيام. تحدث حوالي 500,000 إصابة في الولايات المتحدة الأمريكية سنويًّا، وتبلغ فترة الحضانة عادةً من يوم إلى أربعة أيام بعد التعرّض للجرثوم، ويمكن أن تستمر حتى 7 أيام، أما إطراح الشيغيلّا في البراز فيتوقف عادةً خلال أسبوع إلى أربعة أسابيع من توقّف الأعراض، بينما يكون الحمل طويل الأمد للجرثوم غير شائع.

ينتقل داء الشيغيلات بواسطة الطريق الفموي البرازي، وهو شديد العدوى؛ لَقيحة صغيرة تتألف من 10 إلى 200 متعضّية تكون كافيةً لتحدث إصابة، ويتم انتقال الشيغيلّا بالآليات التالية:

▪ التماس بين شخص وآخر، بما في ذلك النشاط الجنسي.
▪ تناول الطعام الملوّث والمشروبات الملوثة.
▪ الانتقال الفموي بعد ملامسة أدوات العدوى.

ويعد الجنس الفموي العاني (يسمى لعق الشرج) عامل خطر موثق لداء الشيغليات بين الـMSM، ولكن الممارسات الأخرى مثل التلامس العاني اليدوي، والجنس العاني، والجنس الفموي القضيبي والفموي المهبلي، مرجّحة أيضًا لتُحدث الخطر.

المجموعات عالية الخطورة:

تبدو مجموعات الـMSM الأكثر تعرّضًا لخطر الإصابة بداء الشيغيلات مقارنةً بعامة سكّان الولايات المتحدة الأمريكية، ويتضمن ذلك الإصابة بسلالات غير حساسة للأزيثرومايسين (azithromycin)، وسيبروفلوكساسين (ciprofloxacin)، وسيفترياكزون (ceftriaxone)، وهي الأدوية الموصّى بها لعلاج داء الشيغلّات عادةً عند البالغين والأطفال سويةً، كما يمكن للأشخاص إيجابيي الـ HIV (أي حاملي فيروس نقص المناعة المكتسب “الإيدز”) أن يواجهوا داء شيغيلات أشدّ وأطول مدّة.

ومع ذلك، تعتبر كل الشعوب عرضةً لخطر داء الشيغيلّات نظرًا للجرعة الصغيرة المعدية، إذ يمكن لاجتياحات الشيغيلات في مراكز رعاية الأطفال والمدارس الابتدائية والشعوب التي بلا مأوى وأُطُر المجتمع الأخرى، أن تكون كبيرةً وممتدةً وتصعب السيطرة عليها.

التشخيص والاختبارات:

إذا شككت بداء الشيغيلات، خصوصًا بين الرجال البالغين، احصل على مزرعة من البراز واطلب اختبار حساسية للمضادات الميكروبية للعينات المعزولة سريريًّا، فإذا قام المختبر باستخدام فحوص تشخيصية مستقلة عن المزارع (culture-independent diagnostic tests) (CIDTs) للعدوى الداخلية، قم بالمطالبة بمزرعة للبراز وبإجراء اختبارات التحسّس للمضادات الميكروبية المطبقة في حال تشخيص المرضى بالإصابة بالشيغيلات من خلال فحوص (CIDTs)، وتعتبر المعلومات عن الحساسية للمضادات الميكروبية مهمة عند أخذ خيارات العلاج بعين الاعتبار، إذ يمكن لإطراح الشيغيلا عن طريق البراز أن يكون طويل الأمد إذا كان المريض قيد المعالجة بمضاد ميكروبي تقاومه العينة المعزولة.

رغم أن معظم المخابر السريرية لم تجرِ اختبرات التحسّس للأزيثرومايسين على عينات الشيغيلا المعزولة بشكل تقليدي، إلّا أنه تم إصدار إرشادات اختبار وتفسير التراكيز المثبطة الدنيا للأزيثرومايسين على الشيغيلا في كانون الثاني لعام 2016، ويمكن لمخبر الصحة العامة في منطقتك أن يساعد في مثل هذه الاختبارات في حال لم تتوفر في مخبرك السيريري.

قد تتطلب القواعد المحلية تأكيد غياب الشيغيلا من عينة براز الشخص المتماثل للشفاء واحدة أو أكثر قبل أن يتمكّن المريض من العودة إلى رعاية الأطفال أو للعمل في وظائف حساسة (مثل مراكز رعاية الأطفال أو خدمات الطعام الخ..)، وتعدّ عينات براز الأشخاص المتماثلين للشفاء مفيدةً أيضًا لمرضى (MDR shigellosis)، وذلك لتحديد فيما إذا توقّف إطراح الشيغيلا في البراز، وللسماح بالمزيد من الإرشادات المصممة عن الوقاية.

العلاج:

يشفى معظم المرضى بدون علاج خلال 5 إلى 7 أيام من بدء الأعراض، وإذا تطلّب مريضٌ العلاج بدواء مضاد للميكروبات، قم باختيار العامل بناءً على نتائج اختبارات التحسّس للمضادات الميكروبية، فيمكن عادةً علاج العدوى غير المعقدة لمدة 3 إلى 5 أيام، وذلك حسب العامل المضاد للميكروبات.

الوقاية من داء الشيغيلات:

يجب توعية جميع المصابين بالشيغيلات بكون هذا المرض معدٍ جدًا، ولكن يمكنهم القيام بإجراءات بسيطة لحماية الآخرين:
غسل اليدين بالصابون والماء الجاري النظيف بشكل دقيق ومستمر، وخصوصًا بعد استخدام المرحاض أو تغيير حفاضات الطفل المصاب بالشيغيلات.

■ الامتناع عن تحضير الطعام للآخرين أثناء المرض، وغسل اليدين بشكل جيّد قبل تحضير الطعام للآخرين بعد الشفاء، وقد يطلب من مقدمي الطعام المختصين الامتثال للمزيد من معايير الصحة العامة المحلية قبل العودة إلى العمل.

■ الابتعاد عن أحواض السباحة وأماكن السباحة الأخرى إلى أن يتوقف الإسهال، وعلى الأطفال الذين ما يزالون يرتدون الحفاضات أن يتجنبوا السباحة لمدة أسبوع بعد توقف الإسهال.

■ إبعاد الأطفال المصابين عن مراكز رعاية الأطفال وأُطُر المجموعات الأخرى إلى أن يتوقف الإسهال وتسمح قواعد الصحة العامة المحلية بإعادتهم للمراكز تلك.

قد لا يعي المرضى إمكانية انتقال الشيغيلا عبر النشاط الجنسي، فيجب إرشاد المصابين البالغين بإمكانية تخفيضهم الانتقال الجنسي للشيغيلا من خلال:

▪ تجنب الجنس أثناء المرض ولمدة أسبوعين بعد الشفاء، فيمكن للمرضى أن يطرحوا الشيغيلا في برازهم بعد أسبوع أو اثنين من توقّف الأعراض، وبشكل نادر لعدة أشهر.
▪ عند العودة للجنس، أو ممارسته مع شخص يُجهَل ماضيه الإسهاليّ:
• يجب غسل اليدين والأعضاء التناسلية والعانة قبل ممارسة الجنس وبعدها.
• استخدام طرق الوقاية المختلفة أثناء الجنس.
• غسل الأدوات (الألعاب) الجنسية بعد كل استخدام، وغسل اليدين بعد لمس الأدوات الجنسية المستخدمة.


ترجمة: سارة وقاف
تدقيق: دانه أبو فرحة

المصدر