أول شرح لجهاز مستوحى من العقل البشري لتشغيل الأنظمة الاصطناعية


أظهر بحث جديد بجامعة «ساوثهامبتون»، أن جهازًا نانويًا يدعى «الذاكرة المقاومة – Memristor» يمكن استخدامه لتشغيل أنظمة اصطناعية تحاكي دماغ الإنسان.

تُظهر «الشبكات العصبونية الاصطناعية – (Artificial Neural Networks (ANNs» قدرةً على التعلم وتنفيذ مهماتٍ صعبةٍ مقارنة بالأنظمة الحاسوبية المتداولة مثل «التعرف على الأنماط»، التعلم عن طريق الانترنت والتصنيف. التطبيقات العملية لتلك الشبكات الاصطناعية معرقلةٌ حاليًا بسبب غياب «مشابك عصبية – Synapses» اصطناعية فعّالة والتي تعد مكونات أساسية تحتاجها كل «شبكة عصبونية اصطناعية» بأعداد كبيرة.

في الدراسة التي نشرت على الدورية العلمية «Nature Communications»، قام فريق بحث جامعة «ساوثهامبتون»، تجريبيًّا، بشرح نظامٍ عصبيٍّ اصطناعي استَخدم «مشابكَ عصبيةٍ» ذات «ذاكرة مقاومة» تدعم قواعدَ تعلُّمٍ معقّدةٍ من أجل إنجاز التعلم المعكوس المدخلة للبيانات المتقلبة.

«الذاكرة المقاومة» هي مكون كهربائي وظيفته تحديد أو تعديل مرور التيار في الدائرة الكهربائية، كما يقوم بتسجيل كمية الشحنة الكهربائية التي مرت خلاله ويمكنه الاحتفاظ بتلك البيانات حتى بعد قطع الطاقة الكهربائية.

يقول الدكتور «أليكس سيرب – Alex Serb»، من قسم علم الحاسوب والإلكترونيات بجامعة «ساوثهامبتون»: «إذا أردنا بناء أنظمةٍ اصطناعيةٍ تستطيع محاكاة العقل البشري من حيث الأداء والقوة، فنحن نحتاج إلى استخدام مئات المليارات، أو ربما ترليونات من «المشابك العصبية الاصطناعية» والتي يجب أن تكون قادرةً على تنفيذ قواعدَ تعلمٍ مختلفةٍ من حيث درجة التعقيد. على الرغم من أن المكونات الإلكترونية المتاحة حاليًّا بإمكانها صنع «التشابكات العصبية الاصطناعية» المطلوبة، فإنه سيكون من الصعب توفير الطاقة ومؤشرات الكفاءة المطلوبة بدون تصميم مكوناتِ «مشبكٍ عصبيٍّ» جديدة».

ويضيف: «توفر «الذاكرة المقاومة» طريقا ممكنا لتحقيق ذلك الهدف، وذلك بفضل دعمها لميزات أساسية في «نقاط التشابك العصبي» (تخزين الذاكرة، التعلم على الإنترنيت، تطبيق قاعدة تعلمية قوية حاسوبيا، بنية ثنائية النهايات) في أحجام عالية التراص وبتكلفة قليلة للطاقة. إن كانت الأدمغة الاصطناعية ستصبح حقيقة يوما ما، فإن ذلك سيكون حتما عن طريق «نقاط التشابك العصبي» ذات الذاكرة المقاومة».

تماما كالمشابك العصبية للدماغ، تمكنت مصفوفة «الذاكرة المقاومة» المكونة من أوكسيد-الفلز من تعلم وإعادة تعلم الأنماط المدخلة بطريقة غير مراقبة ضمن شبكة احتمالية من نوع «الفائز يأخذ كل شيء – (Winner-Take-All (WTA». وهذا مهم للغاية لتشغيل المعالجات المدمجة المنخفضة الطاقة (اللازمة لإنترنيت الأشياء – Internet of Things) التي يمكنها معالجة بيانات كبيرة في «الوقت الحقيقي» (Real-Time) من دون معرفة مسبقة بالبيانات.

يقول الدكتور «ثيمس برودروماكس – Themis Prodromakis»، أستاذ محاضر في النانو-إلكترونيات وعضو في «مجلس البحث في الهندسة وعلوم الفيزياء» بجامعة «ساوثهامبتون»: «ما يعيق الاستفادة من أية تكنولوجيا جديدة هو قلة التوضيحات التي تعرض، عمليا، فوائدها ومزاياها. العمل الذي نقوم به يثبت أن مقاومات الذاكرة النانوية يمكن استخدامها في تكوين دوائر عصبية تعالج بيانات كثيرة في «الوقت الحقيقي» (Real-Time)، وهو ما يعد تحدٍ رئيسي للمجتمع الحديث».

ويختم «برودروماكس»: «لقد وضحنا ان هذه التكنولوجيا يمكنها بشكل مستقل أن تتكيف مع بيئتها بدون تدخل الإنسان وأنها مرنةٌ جدًّا في معالجة البيانات المتقلبة في «الوقت الحقيقي» بشكل موثوق. يمكن لهذا النوع من التكنولوجيا أن يجد عددًا كبيرًا من التطبيقات بدايةً من تكنولوجيا الاستشعار إلى مراقبة الوقود في البيئات القاسية وتلك التي يصعب ولوجها. وهي قدرات مرغوب فيها للغاية لتحقيق رؤية «إنترنيت الأشياء»».


ترجمة: عمرو السيد
تدقيق: المهدي الماكي

المصدر