كيف تتراخى عقولنا مع التقدم بالعمر؟


ملخص المقال: يَعُدُّ فقدان التماسك والمرونة الشبابية للجلد واحدًا من العلامات الخارجية الأولية الدَّالَّة على الشيخوخة، والآن يبدو أنه ليس جلدنا –فقط- الذي يبدأ بالترهل؛ ولكن عقولنا أيضًا!

درس بحث جديد لجامعة نيوكاسل البريطانية، بالتعاون مع الجامعة الاتحادية في ريو دي جانيرو، طيّات الدماغ البشري وكيف تتغيّر هذه الطَيَّات القشرية مع التقدّم بالعمر، وعندما ربط فريق البحث بين التغيّر في طَيَّات الدماغ وبين قوة الشدّ على القشرة الدماغية -وهي الطبقة الخارجية من الأنسجة العصبية فى أدمغتنا- وجد الفريق أنه كلَّما تقدَّمنا بالعمر بدت هذه القوة وكأنها تضعف، وظهر هذا التأثير جليًا في الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر.

وذكر الفريق، بعد نشر نتائج بحثهم على موقع الأكاديمية الوطنية الامريكية للعلوم (PNAS)، أن البحث الجديد يُسَلِّط الضوء على الآليات الكامنة التي تؤثر على الطَيَّات الدماغية، والتي يمكن استخدامها في المستقبل للمساعدة في تشخيص أمراض الدماغ. وشرحت كبيرة محرري الدراسة، الدكتورة يوجيانغ وانغ (Yujiang Wang) من جامعة نيوكاسل قائلة: «إحدى السمات الرئيسية لأدمغة الثدييات هي الأخاديد والطيّات على جميع أنحاء سطحه -والتي تشبه قليلًا حبة الجوز- ولكن لم يتمكّن أحد حتى الآن من قياس تلك الطَيَّات قياسًا ملائمًا». وأضافت: «وقد أظهرنا، من خلال الكشف على طَيَّات الدماغ لأكثر من ألف شخص، أن طيَّات أدمغتنا تتشكّل وفقًا لقانون كوني بسيط، وأوضحنا أن معامل هذا القانون، والذي يُفَسَّرُ على أنه قوة الشَّدُّ داخل القشرة الدماغية، يتناقص مع التقدّم بالعمر ويلاحظ هذا التأثير بشكلٍ كبير لدى مرضى الزهايمر وفي عمر مبكر، وستكون الخطوة التالية هي معرفة ما إذا كان هناك وسيلة لاستخدام التغييرات الحادثة بالطيَّات كمؤشر مبكر على مرض الزهايمر».

سمة مشتركة في جميع الثدييات:

يَعُدُّ توسّع القشرة الدماغية السمة الأوضح لتطوّر أدمغة الثدييات، ويترافق معها عادةً زيادة في معدلات طيّ السطح القشري، وعلى سبيل المثال إذا استوى جانب واحد من القشرة المخية، أو نصف الكرة المخيّ، وتسطح في أمخاخ البالغيين الطبيعيين فستبلغ مساحته 100,000 مليمتر مربع، وهو ما يعادل تقريبًا مرة ونصف قَدْرُ حجم ورقة الطباعة (A4).

وأظهرت أبحاث سابقة اتباع الطيّ القشري لجميع أنواع الثدييات لقانون كوني؛ ألا وهو أنها جميعها مطوية بنفس الطريقة، بغض النظر عن أحجامها وأشكالها. ولكن، لا توجد أى دراسة منهجية حتى الآن ، تدلّ على اتباع الثدييات داخل النوع الواحد لنفس القانون.

قوة الشَّدِّ تتناقص مع التَّقَدُّمُ بالعمر:

تقول الدكتورة وانج، الأستاذة المقيمة فى كلية علوم الحاسب الرائدة عالميًا فى جامعه نيوكاسل: «أظهرت دراستنا أنه يمكننا استخدام نفس القانون لدراسة التغيّرات التي تحدث في الدماغ البشري، ومن هنا تعرفنا على معامل يقلّ مع التقدّم في السنّ والذي فسرناه على أنه تغيّر قوة الشدّ على سطح القشرة الدماغية، وهو مشابه لما يحدث بالجلد؛ فمع التقدّم في العمر تقلّ درجة شدّ الجلد ويبدأ الجلد بالترهل. وكان معروفًا، منذ فترة كبيرة تغيّر حجم وسمك القشرة الدماغية مع التقدّم بالعمر، ولكن وجود قانون عام لطيّات القشرة يوضح لنا كيفية جمع هذه الكميات في طريقة واحدة لقياس الطيات، والتي يمكن استخدامها بعد ذلك للمقارنة بين الجنسين والفئات العمرية والحالات المرضية».

أدمغة النساء أقلّ طيًا:

وجد الفريق أيضًا اختلاف أدمغة الذكور والإناث بالحجم والمساحة ودرجة طيّ القشرة. وفي الواقع، تميل أدمغة الإناث إلى درجة أقلّ من الطيّ عن أدمغة الرجال بنفس الفئة العمرية، وعلى الرغم من ذلك فقد ظهر اتباع أدمغة الذكور والإناث لنفس القانون.

وقالت دكتورة وانج: «يدلّ هذا على أنه للمرة الأولى، لدينا طريقه ثابتة لقياس طيّ القشرة الدماغية في البشر، ويتغير طيّ القشرة الدماغية بالطريقة ذاتها لدى النساء والذكور الأصحاء خلال مراحلهم العمرية، ولكن يختلف التغيير الحادث بالطيّ الدماغي اختلافًا كبيرًا لدى الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر».
وأضافت الدكتورة وانج: «نحتاج إلى مزيد من العمل في هذه الناحية، ولكن هناك إشارة بأن تأثير مرض الزهايمر على طيَّات القشرة الدماغية أقرب إلى إحداث الشيخوخة المبكرة بالقشرة».


ترجمة: حنان أحمد
تدقيق: دانه أبو فرحة
المصدر