هل بدأ عصر الروبوتات الذكية فعلًا؟


صرّح القائمون على برنامج العقل العميق (DeepMind) للذكاء الاصطناعي، الذي تقوم بتطويره شركة ألفابيت ((Alphabet -الشركة الأم لجوجل- أنه أصبح بمقدوره الآن أن يستنبط المعلومات بذكاء بناءً على ما يحتفظ به في ذاكرته.

إن نظامهم الهجين الجديد -المدعو بالحاسوب العصبي التبايني (Differential Neural Computer) ((DNC- يزاوج بين نظام الشبكة العصبية ومجموعة كبيرة من المعلومات المخزنة في الحواسيب التقليدية، وإن هذا النظام لديه من الذكاء ما يمكنه من البحث والتعلم من هذا المخزون الكبير من المعلومات.

يقوم (DNC) بدمج الذاكرة الخارجية (كما في القرص الصلب الخارجي حيث تخزّن صورك الخاصة) مع نظام الشبكة العصبية للذكاء الاصطناعي، حيث تعمل مجموعة هائلة من العقد المترابطة فيما بينها بحيوية كبيرة لمحاكاة عمل الدماغ البشري.

يقول اليكسندر جريفز (Alexander Graves) وجريج واين (Greg Wayne) الباحثان في هذا المشروع: «إن بإمكان هذه الأنظمة أن تتعلم من الأمثلة، كما تفعل الشبكات العصبية، وكذلك بإمكانها أن تخزن الكثير من المعلومات المعقدة كما تفعل الحواسيب».

يوجد في قلب ( (DNCجهاز تحكّم يقوم بتحسين الاستجابة بصورة مستمرة، ويقارن بين النتائج التي يحصل عليها وبين النتائج المطلوبة والصحيحة. ومع الوقت تزداد دقته أكثر فأكثر ويتعلم كيف يستخدم كل هذه المصادر العديدة من المعلومات في الوقت ذاته.

خذ شجرة العائلة مثالًا: بعد أن أُخبر ((DNC ببعض صلات القرابة في العائلة، تمكّن من معرفة بقية الروابط العائلية بنفسه، فهو يقوم بتسجيل المعلومات، ثم يعيد تسجيلها مرة أخرى بطريقة تؤدي إلى تحسين ذاكرته بصورة مستمرة؛ كي يتسنى له أن يسترجع المعلومة المطلوبة مستقبلًا بسرعة.

ويستشهد الباحثون بمثالٍ آخر، وهو نظام المواصلات العمومي، كما في قطار الأنفاق في لندن. فبمجرد تعلمه للأساسيات، يقوم (DNC) باكتشاف مسارات أكثر تعقيدًا بدون أي مساعدة خارجية، معتمدًا على ما تمّ تخزينه في ذاكرته فقط.

بعبارة أخرى، فإنه يعمل مثل الدماغ البشري، يأخذ المعلومات من الذاكرة (كمواقع محطات قطار الأنفاق) ثم يكتشف معلومات جديدة (كم عدد المحطات التي ستتوقف عندها عند سلك طريق معين).
بالطبع، بإمكان أي برنامج خرائط في الهاتف الذكي أن يخبرنا بأقصر الطرق بين محطة وأخرى، ولكن الفرق يكمن في أن (DNC) لا يسترجع المعلومات من جدول زمني معد مسبقًا، بل يستنتج المعلومات بنفسه، متلاعبًا بالكثير من البيانات في الوقت ذاته.

إن هذه الطريقة تعني أن بإمكان هذه الأنظمة الذكية أن تطبّق ما تعلّمته من أنفاق لندن على نظام مواصلات آخر، كقطار الأنفاق في نيويورك مثلًا.

يبشر هذا النظام بإمكانية إجابة الذكاء الاصطناعي مستقبلًا على تساؤلات حول مواضيع مستحدثة، عن طريق استنتاج الإجابات من تجارب سابقة، دون الحاجة إلى معرفة مسبقة لكل إجابة ممكنة.

وفي اختبار آخر، أعطي الحاسب العصبي التبايني (DNC) معلومتين صغيرتين: “جون في الملعب” و “جون التقط الكرة”. عندما سُئل الحاسوب “أين الكرة؟” وبالاعتماد على المعلومتين المذكورتين فقط؛ استطاع الإجابة بصورة صحيحة عن طريق ربط الذاكرة مع التعلّم العميق ( الكرة في الملعب).

إن القيام بهذه الاستنتاجات قد يبدو مهمةً سهلةً لأدمغتنا المقتدرة، ولكن حتى الآن، تعتبر مهمة اكتشاف هذه الإجابات مهمةً صعبةً جدًا على المساعدين الافتراضيين مثل سيري (Siri) (المساعد الإفتراضي في الأجهزة التي تعمل بنظام IOS).

ويقول الباحثون، مع التقدّم الذي يقوم به برنامج العقل العميق (DeepMind)؛ فإننا نتقدم خطوة أخرى للأمام باتجاه صنع حاسب الكتروني قادر على التفكير بصورة مستقلة. حينها ربما سننعم في جنة تخدمنا فيها الروبوتات، أو ربما يكون جحيمًا تكنولوجيًا نذوق فيه الويلات.. بناءً على وجهة نظرك للموضوع.


ترجمة: علي حسين جابر
تدقيق: دانه أبو فرحة
المصدر