السيرة الذاتية لـ بيير سيمون ماركيز دي لابلاس


بيير سيمون ماركيز دي لابلاس «Pierre-Simon, marquis de Laplace» (وُلد في 23 مارس\آذار 1749 في «Beaumount-en-Auge» في نورماندي بفرنسا ــ ومات في 5 مارس\آذار 1827 بباريس) هو عالم رياضياتٍ وعالم فلكٍ وعالم فيزياءٍ فرنسيٌ مشهورٌ بأبحاثه وتحقيقاته في موضوع استقرار النظام الشمسي. فسّرَ لابلاس جميع الانحرافات الملحوظة للكواكب عن مداراتها النظرية عن طريق تطبيق نظرية إسحق نيوتن عن الجاذبية على النظام الشمسي. كما طوّر رؤيةً تصوريةً للتغير التطوري في بنية النظام الشمسي. وبيَّنَ لابلاس فائدة مفهوم الاحتمالات في تفسير البيانات العلمية.

كان لابلاس ابنًا لمزارعٍ فقيرٍ، ليس هناك معلومات كافيةٌ عن حياته المبكرة باستثناء أنَّه كان إظهاره مهارةً واضحة في مجال الرياضيات في الأكاديمية العسكرية في «Beaumont». في عام 1766، دخل لابلاس جامعة «Caen»؛ لكنه تركها وذهب إلى باريس العام التالي دون الحصول على شهادةٍ جامعيةٍ. وصل وبحوذته رسالةُ توصيةٍ إلى عالم الرياضيات لورن دالمبير الذي ساعده للحصول على الأستاذية بالمدرسة العسكرية «École Militaire» في فرنسا حيث درَّس من 1769 إلى 1776.

في عام 1773، باشر لابلاس عمله في تطبيق الجاذبية النيوتونية على النظام الشمسي بأكمله حيث تناول مشكلةً عصيةً، وهي ما السبب الذي جعل مدار المشتري يبدو وكأنَّه في انكماشٍ مستمرٍ بينما بدا مدار زحل في تمددٍ مستمرٍ. كانت تأثيرات الجاذبية المتبادلة ضمن النظام الشمسي معقدة جدًا لدرجة أنَّ الحل الرياضي بدا مستحيلًا. استنتج نيوتن أن هناك تدخل إلهي دوريًا هو الذي تسبب في الحفاظ على حالة الاتزان في النظام الشمسي. إلا أن لابلاس أعلن عن عدم تغير متوسط سرعة الحركة الكوكبية (متوسط السرعة الزاوية)، عام 1773. وكانت أول وأهم خطوةٍ في شرح استقرار النظام الشمسي، وأهم تقدمٍ في علم الفلك منذ نيوتن. وكانت السبب كذلك في منح لابلاس عضوية انتساب في الأكاديمية الفرنسية للعلوم في نفس العام.

عن طريق تطبيق طرق قياسيةٍ على الأنظمة الحية وغير الحية، أظهر كل من لابلاس والكيميائي «Antoine-Laurent Lavoisier» في عام 1780، بواسطة مسعرٍ جليديٍ اخترعاه، أنَّ عملية التنفس هي شكل من أشكال الاحتراق. وبالعودة إلى أبحاثه الفلكية حيث فحص الاضطرابات الكوكبية -التأثيرات التثاقلية المتبادلة- بشكل كامل، أثبت لابلاس في عام 1786 أن ميل المدارات الكوكبية نحو بعضها البعض وانحراف مداراتها عن الشكر الكروي سيبقى صغيرًا وثابتًا. أي أن تأثيرات تلك الاضطرابات محافظةٌ ودوريةٌ وليست تراكميةً ومدمرةً.

أثناء الفترة بين 1784 و1785، عمل لابلاس على موضوع الجاذبية بين الأجسام الكروية، كما استكشف مسألة انجذاب أي جسمٍ كرويٍ إلى جسيمٍ موجودٍ خارجه أو على سطحه. وخلال اكتشافه أن قوة الجذب لكتلة على جسيم، بغض النظر عن الاتجاه، يمكن الحصول عليها مباشرةً عن طريق اشتقاق دالة أحادية، وضع لابلاس الأساس الرياضي للدراسة العلمية للحرارة والمغناطيسية والكهرباء.

حذف لابلاس آخر شذوذ من الوصف النظري للنظام الشمسي في عام 1787 عن طريق إعلانه أن التسارع القمري يعتمد على اهليلجية مدار الأرض. بالرغم من أن متوسط سرعة حركة القمر حول الأرض يعتمد بشكل رئيسي على التجاذب التثاقلي بينهم، إلا أنه يتضاءل بشكل بسيط بواسطة قوة جذب الشمس للقمر. تعتمد قوة الجذب تلك على اختلاف شكل مدار الأرض الذي ينتج عن اضطرابات بواسطة الكواكب الأخرى. ونتيجة لذلك، متوسط سرعة حركة القمر في تسارع طالما يميل مدار الأرض إلى أن يصبح دائريًا أكثر؛ ولكن عند حدوث العكس، تُعاق تلك الحركة ولكن على فترات تصل إلى ملايين السنين. وبذلك، اختفى آخر تهديد من الوصف النظري للنظام الشمسي.

في عام 1796، نشرَّ لابلاس كتاب «Exposition du système du monde» (نظام العالم)، وتضمن الكتاب “الفرضية السديميّة” -إسناد أصل النظام الشمسي إلى تبريد وانقباض السديم الغازي- الذي أثر بقوة على التفكير المستقبلي عن أصل الكواكب. ونشرَّ كتابه «Traité de mécanique céleste» (الميكانيكا السماوية) الذي يتكون من 5 مجلدات بين 1789 و 1827، لخَّص فيه النتائج التي حصل عليها بواسطة تطويره وتطبيقه الرياضي لقانون الجاذبية. عرض تفسيرًا ميكانيكيًا شاملًا للنظام الشمسي بواسطة ابتكار طُرق لحساب حركات الكواكب وأقمارها واضطراباتها. جعل منه هذا الكتاب شخصًا مشهورًا.

في عام 1814، نشر لابلاس كتابًا مشهورًا للقارئ العام. الكتاب بعنوان «Essai philosophique sur les probabilités» (مقالة فلسفية عن الاحتمالية)، وكان هذا العمل مقدمة للنسخة الثانية الشاملة من «Théorie analytique des probabilités» (نظرية تحليلية للاحتمالية) والذي نُشر لأول مرة في عام 1812 والذي يصف فيه العديد من الأدوات التي اخترعها للتنبؤ رياضيًا باحتمالات أن أحداث معينة ستحدث في الطبيعة. كما طبّق نظريته ليس فقط على مسائل الاحتمالات العادية، بل على أسباب حدوث الظواهر، والإحصاءات الحيوية والأحداث المستقبلية إيضًا كما أكد على أهميتها بالنسبة للفيزياء والفلك. كما شمل الكتاب حالة خاصة التي تُعرف حاليًا بمبرهنة النهاية المركزية. أثبت لابلاس أن توزع الأخطاء على نماذجٍ لبياناتٍ كبيرةٍ من الملاحظات الفلكية يمكن تقديرها بواسطة التوزيع الاحتمالي الطبيعي أو الغاوسي.

غالبًا أن بسبب عدم امتلاكه لآراء سياسية قوية ولم يكن عضوًا في الطبقة الأرستقراطية، نجا من السجن والإعدام أثناء الثورة الفرنسية. كان لابلاس رئيسًا لمجلس «Board of Longitude»، وساهم في تأسيس النظام المتري للواحدات وساعد في تأسيس جمعية «Arcueil» العلمية. قُلّد صفة مركيز كما عمل كوزير للداخلية لمدة ستة أسابيع أثناء حكم نابليون.


ترجمة: وليد عادل
تدقيق: سامي الهلالي

المصدر