الرياضيات عند السومريين والبابليين


أخترع السومريون أقدم نظام كتابة معروف وهو نظام الكتابة بالرموز والذي يعرف بالكتابة المسمارية باستخدام حروف تشبه شكل المسمار يتم حفرها على ألواح من الطين المجفف (فخار)، وبفضل ذلك صرنا نعرف عن الرياضيات عند السومريين والبابليين أكثر مما نعرفه عن الرياضيات في مصر القديمة.

وبها أيضا أخترع السومريون أقدم نظام كتابة معروف وهو نظام الكتابة بالرموز والذي يعرف بالكتابة المسمارية باستخدام حروف تشبه شكل المسمار يتم حفرها على ألواح من الطين المجفف (فخار)، وبفضل ذلك صرنا نعرف عن الرياضيات عند السومريين والبابليين أكثر مما نعرفه عن الرياضيات في مصر القديمة.

حتى أنه لدينا ما يمكن اعتباره تمارين دراسية في المسائل الحسابية والهندسية.
كما في مصر، طور السومريون الرياضيات، في البدء، كرد فعل للاحتياجات البيروقراطية عندما استقرت حضارتهم وطوروا الزراعة (قد يعود ذلك للألفية السادسة قبل الميلاد) وذلك لقياس الأراضي الزراعية، وحساب ضرائب الأفراد وما شابه.

بالإضافة إلى أن السومريين والبابليين احتاجوا لكتابة أعداد كبيرة نسبياً أثناء محاولتهم أن يضعوا مخطط للسماء في الليل وبناء تقويمهم القمري المعقد.
كان السومريون في الأغلب أول الشعوب التي تختار رموزاً لمجموعة من الأشياء وذلك لتسهيل وصف الأعداد الأكبر، فتحولوا من استخدام رموز مختلفة للتعبير عن نفس العدد من سنابل القمح أو آنية الزيت وغيرها الى استخدام رموز مختصرة للتعبير عن الأرقام بعينها لأي شيء، فبدأ استخدام مخروط صغير من الطين للتعبير عن رقم 1، واستخدام كرة طينية للتعبير عن رقم 10، ومخروط كبير للتعبير عن الرقم 60 وكان ذلك خلال الألفية الرابعة قبل الميلاد.

وخلال الألفية الثالثة تم استبدال تلك الأشكال برموز أخرى في الكتابة المسمارية بحيث تمت كتابتها باستخدام نفس القلم المستخدم لكتابة الكلمات.

يبدو كذلك أنه خلال الفترة ما بين 2700 الى 2300 قبل الميلاد تم استخدام نوع من المعداد البدائي (abacus) في سومر.

namnlos

الأرقام البابلية

اعتمدت الرياضيات السومرية والبابلية على نظام العد الستيني، اي على أساس الرقم 60، والذي يمكن أن يتم القيام به باستخدام ال 12 مفصل في أصابع أحد اليدين مع ال 5 أصابع من اليد الأخرى.

وبعكس المصريين واليونانيين والرومان، استخدم البابليون نظام قيم مكانية حقيقي، بحيث تكون الأرقام المكتوبة على اليسار ذات قيمة أكبر، وهو ما يشبه نظام العد العشري الحديث، ولكن باستخدام الأساس 60 بدل 10.

ولذلك تكون   في النظام البابلي تعبر عن 1+60+3600 أي 3661. وكذلك تم استخدام رمزين مختلفين للتعبير عن الأرقام من 1 الى 59 في كل خانة، تم استخدام الرمز ( ) للتعبير عن الواحد، والرمز ( ) للتعبير عن 10، وكان يتم استخدامهما بصورة مشابهة للأرقام الرومانية (فمثلاً يتم استخدام للتعبير عن الرقم 23).

وعلى هذا الأساس   تعبر عن الرقم 23+60 أي 83. الرقم 60 كان يتم التعبير عنه بنفس الرمز المستخدم للتعبير عن رقم 1، ولعدم وجود بديل للنقطة العشرية، كان يتم استنتاج القيمة الحقيقية للرمز من السياق.

يعزوا البعض تقدم البابليين في الرياضيات إلى أن الرقم 60 يقبل القسمة على العديد من الأرقام (1 2 3 4 5 6 10 12 15 20 30 60) كما أن الرقم 60 هو أصغر رقم يقبل القسمة على كل الأرقام من 1 ال 6، كما أن استمرار تقسيم الدقيقة ل 60 ثانية والساعة ل 60 دقيقة وتقسيم الدائرة ال 360 درجة (6*60) هي كلها شهادات على براعة النظام البابلي.

ولأسباب مشابهة يُعتبر الرقم 12 رقم هام تاريخيًا حيث يقبل القسمة على (1 2 3 4 6) ولذلك نجد السنة مقسمة إلى 12 شهرا والقدم إلى 12 بوصة والنهار إلى 12 ساعة ومثلهم الليل.

ابتكر البابليون كذلك مفهوما حسابيا ثوريا لم يمتلكه المصريون ولا اليونانيين ولا الرومان وهو الرمز الدائرة، والتي تعبر عن الصفر، ولكن هذا الرمز كان مجرد سد خانة أكتر من رقم في حد ذاته.
توجد أدلة على تطور نظام قياسٍ في سومر يعود إلى حوالي العام 3000 قبل الميلاد، كذلك جداول للضرب والقسمة، وجداول للتربيع والجذر التربيعي والجذر التكعيبي، وتمارين هندسية ومسائل للقسمة تعود إلى حوالي 2600 قبل الميلاد.

تغطي الألواح البابلية الأحدث والتي تعود للفترة ما بين 1800 و1600 قبل الميلاد مواضيع أكثر توسعاً مثل الكسور، والجبر، وطرق حل المعادلات الخطية والتربيعية وحتى بعض المعادلات التكعيبية، كذلك حسابات أزواج الأرقام المترابطة (وهي أزواج من الأرقام حاصل ضربها يساوي 60).

يظهر في بعض الألواح البابلية قيم تقريبية للجزر التربيعي ل 2 بدقة تقترب الى الرقم الخامس بعد العلامة العشرية.

وفي بعض الألواح أخرى، تظهر قيم مربع الأرقام حتى الرقم 59، ومكعب الأرقام حتى 32 كما تغطي بعض الألواح الفائدة التراكمية.

يظهر في لوح آخر قيمة تقريبية لقيمة ثابت الدائرة π بما يعادل 3.125 وهو قريب جداً من القيمة الحقيقية وهي تقريبًا 3.1416

لوح طيني بابلي يعود لعام 2100 قبل الميلاد تقريبًا يظهر فيه حل مسألة مساحة شكل غير منتظم

لوح طيني بابلي يعود لعام 2100 قبل الميلاد تقريبًا يظهر فيه حل مسألة مساحة شكل غير منتظم

ظهرت فكرة تربيع الأرقام أو المعادلات التربيعية (وهي المعادلات التي يكون فيها المجهول رقمًا مضروبا في نفسه) عند العمل على قياس الأراضي، وقد أعطت لنا الألواح الرياضية البابلية أول دليل على حل المعادلات التربيعية.

يعتمد الأسلوب البابلي في حل تلك المعادلات على استخدام نوع من اللعب الهندسية حيث يتم تقطيع وإعادة ترتيب الشكل، وكذلك يظهر استخدام الجبر في حل بعض المعادلات التربيعية.

يظهر كذلك في بعض الأمثلة التي لدينا حل بعض تلك المسائل بدون هدف حل مشكلة حقيقية بل لحل المسألة نفسها.
استخدم البابليون الأشكال الهندسية في مبانيهم وتصاميمهم وكذلك في حجر النرد لألعاب المتعة، والتي كانت مشهورة جدًا في مجتمعهم، مثل لعبة الطاولة القديمة. امتدت حساباتهم الهندسية لتشمل حساب مساحة المثلثات والمستطيلات وشكل الشبه منحرف، وكذلك أحجام بعض الأشكال البسيطة مثل الأحجار والأسطوانات (ولكن لم تشمل الأهرام).
ويوضح اللوح الطيني المشهور والمثير للجدل بليمتون 322 (Plimpton 322) والذي يعود لعام 1800 قبل الميلاد تقريبًا، أن البابليين ربما عرفوا سر المثلث قائم الزاوية (أن مربع طول الوتر يساوي مجموع مربعي الضلعين الآخرين) وذلك قبل فيثاغورث الإغريقي بقرون عدة.

حيث يظهر في اللوح مثلث قائم دقيق الأطوال وكل ضلع فيه طوله رقم صحيح، ولكن يدعي البعض أن تلك الأرقام هي مجرد تمارين أكاديمية، وليست تمثيل مقصود لنظرية فيثاغورث.


ترجمة: جورج فام
تدقيق : بدر الفراك
المصدر