لم تعتبر بعض النساء أكثر جاذبية من غيرهن؟ هل لذلك أساس تطوري؟


في دراسة تمّت بالتنسيق بين معهد الوراثة والبيولوجيا التطوّرية في الأكاديمية الصينية للعلوم ومعهد العلوم البيولوجية والبيئية في جامعة أبردين(Aberdeen) في اسكتلندا، حاول فيها الباحثون معرفة: ما الصّلة بين البدانة والجاذبية الجسدية؟ وهل حقًا نحن نعتمد على أساس تطوّري في تقييمنا لشخص ما بأنه جذاب أم لا فور النظر إليه؟ ما هو هذا الأساس وما هي العوامل التي تحدّده؟

حسنًا، هذا الأساس هو مدى تأثير الصفات الجسدية للشخص (كميات الشحوم في الجسم مثلًا) على اللياقة البدنية التطوّرية؛ أي مدى تأثير تلك الصفات على القدرة على النجاة والإنجاب، على سبيل المثال: نحن نعلم أنَّ الإناث اللاتي يمتلكْنَ كميات من الدّهون تتجاوز الحد الطبيعي، من جهة يكنّ أكثر عُرضة للأمراض المُزمنة كالسُكّري وأمراض القلب وقلّة الخصوبة وهذا بالتالي يجعلهُنَّ أقل جاذبية، ولكن من جهة أخرى فإنَّ ذلك سابقًا كان يجعلهُنَّ أكثر تحمُّلًا للمجاعات؛ وبالتالي من المفترض أن يجعلهُنَّ ذلك أكثر جاذبية. إذًا هذا يقترح أنَّ صفات الجسد المثالي (من حيث كمية الدهون) قد تقع في مكان ما بين هاتين الفرضيتين.

يشرح مُنسِّق الدراسة البروفيسور جون سبيكمان (John Speakman) قائلًا: «اللياقة البدنية من مفهوم تطوّري تشتمل على أمرين، وهما القدرة على النجاة والقدرة على الإنجاب، ما أردنا تحرّيه في هذه الدراسة هو فكرة هل حقًا نعتمد على ذلك في تقييمنا لجاذبية شخص ما الجسدية؟».

ولاختبار هذه الفكرة، قام الباحثون بصنع علاقة رياضية تربط بين درجات البدانة واحتمالات خطر الوفاة في المستقبل شاملين جميع الأسباب وبين البدانة واحتمالات الإنجاب في المستقبل، هذه العلاقة تتوقع أنَّ الإناث الأكثر جاذبية يقع مؤشر كتلة الجسم (BMI) لديهن بين 24 و24.8.

وقد اختبر الباحثون هذا التوقُّع لدى أكثر من 1300 شخص من الإناث والذكور من المملكة المتحدة و 9 دول أخرى، حيث قاموا بعرض 21 صورة على المشاركين لإناث بدرجات مختلفة من الوزن ثمَّ طلبوا منهم ترتيب الصور من الأقل جاذبية إلى الأكثر جاذبية. كانت النتائج متشابهة بشكل كبير عند الجميع، فقد حازت صور الأكثر نحافة -مؤشر الكتلة لديهن حوالي 19- على أعلى تقييم بينما كان التقييم يقل كلما زادت كمية الدهون، ولكن هذه النتائج تعتبر مناقضة لما توقّعته العلاقة والتي تقترح أنَّ الأكثر جاذبية يقع مؤشر الكتلة لديهن بين 24 و24.8!

السبب وراء هذا التناقض تمّ كشفه بعد أن سُئِلَ المشاركين عن توقعهم لعمر من في الصور حيث أجمعوا أنَّ الأكثر بدانة هنّ الأكبر سنًا، حيث يُعتَبَر العمر بحد ذاته مؤشرًا قويًا على اللياقة البدنية التطوّرية. عندما أُضيف العمر إلى العلاقة الرياضية السابقة، أصبح مؤشر كتلة الجسم المُتوقع يقع بين17 و20 وذلك يطابق تمامًا لما وجده المشاركين سابقًا أكثر جاذبية.

هذا يقترح أنَّنا نجد النساء النحيلات أكثر جاذبية هو كوننا نربط ذلك بالعمر، فمؤشر كتلة جسم بين 17 و20 مُطابق لإناث بعمر 18 إلى 20 مع أعلى نسبة للخصوبة وأقل نسبة لخطر الأمراض المستقبلية. هذه النتائج كانت متطابقة في جميع المجموعات المختلفة من أوروبا وآسيا وإفريقيا، ويبدو أنَّ التعرُّض للمجاعات خلال التاريخ لم يؤثر على العلاقة بين البدانة والجاذبية.

يقول د. لوبكي فانهولت (Lobke Vaanholt) من جامعة أبردين: «على الرغم من أنَّ اعتبار الأكثر نحافة هنّ الأكثر جاذبية لا يبدو مفاجئًا لمعظم الأشخاص لأنَّ ذلك يبدو منتشر بشكل واضح وكبير في الإعلام ومعظم الثقافات وبالطبع في مجال الأزياء والموضة؛ إلّا أنَّنا الآن نفهم السبب وراء هذا الانتشار».


ترجمة: دانيا الدخيل
تدقيق: دانه أبو فرحة
المصدر
للإطلاع على الدراسة