تدخين الماريغوانا يثبط العزيمة للعمل والانتاج


سبق وتحدثنا في مقالٍ سابق عن بعض منافع استهلاك نبتة الماريغوانا لأغراض طبية، وذلك ضمن قواعد حددها باحثون أثبتوا القدرة الشفائية أو المسكنة لهذه النبتة في معالجة بعض الأمراض، إلا أن دراسات عدة أثبت الأضرار التي تنجم عن تعاطي هذا النوع من المخدرات، فقد أثبتت دراسة قام بها خبراء في كلية لندن الجامعية للطب أن تدخين ما يعادل لفافة ماريغوانا واحدة من القنب يقلل من إرادة الناس في العمل من أجل كسب المال.

يعدُّ البحث الصادر عن قسم علم الأدوية النفسية أول بحث يثبت بشكلٍ موثوق الآثار قصيرة الأمد على همّة البشر بسبب تعاطي القنب. واختبر الباحثون أيضًا همّة مدمني حشيش القنب بإعطائهم كمية قليلة خلال الاختبار، فوجدوا أن مستوى همّتهم لا يختلف عن مستوى همّة المتطوعين في المجموعة الضابطة.

قال الدكتور ويل لوان الباحث الرئيسي في قسم علم الأدوية النفسية السريرية في كلية لندن الجامعية: «على الرغم من الاعتقاد الشائع بأن القنب يقلل الهمّة، فإن هذه هي المرة الأولى التي يُختبر فيها بشكلٍ موثوق وتحدد كميته باستخدام حجم عينة ومنهجية مناسبين».

وأضاف: «اقترحنا كذلك أن متعاطيِّ القنب على المدى الطويل وإن كانوا غير متحمسين كثيرًا، فقد يواجهون مشاكل في تحفيز الهمّة أيضًا. وقد قارنّا أشخاصًا من متعاطي القنب بأشخاصٍ مثلهم من المجموعة الضابطة، فوجدنا أنه لا يوجد اختلاف في همّتهم حينما يكون أعضاء أيًّا من المجموعتين في حالة سكر. وهذا يشير مبدئيًا إلى أن تعاطي القنب على المدى الطويل قد لا يؤدي إلى مشاكل في الهمّة المتبقية عند الناس عندما يتوقفون عن استخدامه. لكن مع ذلك، نحتاج إلى بحثٍ مطوّل لتقديم المزيد من الأدلة القاطعة».

وقد شارك في هذا البحث المؤلف من دراستين منفصلتين 57 متطوعًا. وتضمنت أول دراسة 17 متطوعًا بالغا يتعاطون جميعهم القنب بين الفينة والأخرى. أخذ هؤلاء المتطوعون أثناء التجربة باستنشاق بخار قنب حقيقي من خلال بالون في الفترة الأولى، وبخار قنب وهمي في فترة ثانية منفصلة. ثم أنجزوا بعد ذلك مباشرة مهمة كمهام الحياة الواقعية تهدف إلى قياس همّتهم لكسب المال على أن يأخذوا المال الذي اكتسبوه في نهاية التجربة.

استطاع المتطوعون في كل تجربة اختيار ما إن كانوا يريدون إنجاز مهامٍ عالية أو منخفضة الجهد لكسب مبالغ مختلفةٍ من المال. وتكون المشاركة في اختيار مهمة منخفضة الجهد عبر الضغط على مفتاح باستخدام إصبعهم الصغير 30 مرة في سبع ثوانٍ لكسب 50 بنسًا، بينما المشاركة في اختيار الهمة عالية الجهد تكون بـ 100 نقرة على مفتاح خلال 21 ثانية، لأخذ مكافأة تتفاوت بين 80 بنسًا و2 جنيه إسترليني.

وقد أوضح كبير الباحثين البروفيسور فال كوران من قسم علم الأدوية النفسية السريرية في كلية لندن الجامعية بقوله: «إن الضغط المستمر على زر المفاتيح بإصبع واحد ليس صعبًا، لكنّه يأخذ قدرًا معقولاً من الجهد، جاعلاً إياها تجربةً مفيدةً لتحفيز الهمّة».

وأضاف أيضًا: «وجدنا أن احتمال اختيار الأشخاص الواقعين تحت تأثير القنب لمهمة الجهد العالي كان ضئيلا بمعدلٍ 50% من الوقت، في حين فضّل المتطوعون الواقعون تحت تأثير العقار الوهمي اختيار مهمة الجهد العالي للحصول على جائزة 2 جنيه إسترليني، بينما كانت نسبة اختيار متطوعي شاربي القنب لمهمة الجهد العالي 42% من الوقت الكلي».

وأفادت الدراسة الثانية أن حالة 20 شخصًا من مدمني حشيش القنب كانت مطابقة لحالة 20 مشاركًا من المجموعة الضابطة، والذين بدورهم أظهروا المستوى نفسه مع متعاطي المخدرات غير شاربي القنب. وقد مُنع هؤلاء المشاركون من شرب الكحول أو المخدرات وغيرها من التبغ والقهوة لـ 12 ساعة قبل إجراء الدراسة، ثم طُلب منهم أداء نفس مهمة تحفيز الهمّة كسابقيهم من المشاركين في الدراسة الأولى.

وأظهرت النتائج بعد ذلك أن المتطوعين مُتعاطي القنب لم يكونوا أقلَّ حماسًا من أعضاء المجموعة الضابطة. أيًّا يكن، ما زال هناك حاجة للمزيد من الأبحاث لفهم العلاقة بشكلٍ تام بين تعاطي القنب على المدى الطويل وبين نقص أو انعدام محفزات الهمة العالية.


ترجمة : مؤمنة حجازي
تدقيق بدر الفراك
المصدر