عندما تنظر المرأة الحامل إلى ملابسها الداخلية لترى دمًا عليها! إنها علامة خوف وقلق، هذا ما ستخاله أولًا، لكن ليس كل نزف يعد دليلًا على وجود مشكلة.

من الممكن أن يحدث النزف أو التَبقِيع في أي وقت خلال الحمل، أي من اللحظة التي يتصل فيها الجنين برحم المرأة إلى ما قبل الولادة.

طبعًا بعض أسباب النزف الحملي يمكن أن يكون مرضيًا كعدم تموضع أو خطأ في مكان المشيمة، ولكن ليس كل الأسباب.

وبالرغم من أن النزف الحملي ليس بالعلامة الغريبة خصوصًا في الأسابيع الـ12 الأولى من الحمل؛ لا يجب على الحامل تجاهل هذه الأعراض بل يُحبّذ أن تسأل طبيبها الخاص لإرشادها.

وكما قال د.هايود براون (Haywood Brown) رئيس قسم التوليد والطب النسائي في كلية الطب في جامعة ديوك (Duke University School of Medicine) في ولاية كارولاينا الشمالية: «النزف في الحمل المبكر شائع إلى حد ما، ويحدث في 20-30% من حالات الحمل في أول ثلاثة شهور»، وقال أيضًا: «بعض حالات الحمل التي يحدث فيها نزيف تكون فيه النتائج طبيعية».

كما صرح الدكتور براون لموقع (live science) أن النزف في مراحل الحمل الأخيرة أقل شيوعًا منه في مراحله الأولى.

في هذه المقالة سوف نبين الفرق بين النزف والتَبقيع خلال الحمل، واصفين بعض الأسباب المحتملة، ولكي نناقش الإجراءات اللازم عملها عند حدوث النزف الحَملي.

النزف والتبقيع:

يختلف النزف عن التبقيع من حيث كمية الدم المرئي والظاهر.

كما قال الدكتور براون أن التبقيع هو مجرد قطرات صغيرة من الدم تكون ظاهرة على الملابس الداخلية لا غير.

والدم الظاهر يكون خفيفًا لا يخترق بطانة الملابس الداخلية.

عمومًا، يحدث التبقيع غالبًا في الثلث الأول من الحمل، كما قال الدكتور براون، وأشار أيضًا إلا أنه يجب الحذر لأنه قد يكون علامة على الإجهاض المنذر (threatened miscarriage) فيجب على الحامل في هذه الحالة الاتصال بطبيبها على الفور، والذي قد يطلب فحصًا بالموجات فوق الصوتية ليرى ما إذا كان الحمل على ما يرام.

بالمقارنة، النزف خلال الحمل يكون بنزول كميات أكبر من الدم وأكثف، لذا يجب ارتداء فوط صحية وإلا سوف يخترق الدم بطانة الملابس الداخلية وسوف تتسخ الملابس.

النزف خلال الحمل:

هناك بعض التوصيات التي نشرتها مؤسسة (March of Dimes) التي تُعنى بالأم والطفل، جاء في هذه التوصيات أنه إذا حدث النزف خلال الحمل يجب على المرأة الحامل إخبار طبيبها ووصف النزف؛ كإخبار الطبيب عن لون الدم ما إذا كان أحمر داكن أو بني فاتح، وعدد المرات التي تنزف فيها، وأحينا من الممكن أن تُسأل الحامل عن ما إذا كان الدم كثيفًا أم لا، أو إذا كانت ترى تجلُّطات دم أو كتلًا تنزل من المهبل، وكم عدد المرات التي تحتاج فيها إلى تغيير الفوط الصحية خلال النزف، وإذا ما كانت تحس بالألم أثناء النزف.

حتى في حين توقف النزف يجب على الحامل البقاء على تواصل مع طبيبها لتعرف الأسباب وراء النزف.

النزف القوي خلال الحمل:

إذا كان النزف قويًا أو مصحوبًا بألم أو تشنجات؛ فعلى المرأة الحامل الاتصال بالطبيب على الفور، أو التوجّه إلى أقرب مستشفى والدخول إلى قسم الطوارئ لتقييم الحالة. وأوصت كذلك مؤسسة (March of Dimes) أنه على الأم أخذ العناية الطبية الطارئة إذا واجهت نزفًا مصحوبًا بدوخة أو ألم في البطن أو الحوض.

أسباب النزف في مرحل الحمل الأولى:

من الممكن أن يحدث النزف خلال الثلث الأول من الحمل نتيجة للأسباب التالية:

  • نزف الانغراس المبيضي:

كما قال الدكتور براون، أن بعض النساء فقط تحدث لديهن هذه الظاهرة “نزف الانغراس المبيضي”، والذي يكون سببها انغراس البيضة الملقحة في بطانة الرحم وبدء تشكّل الإمدادات بين الجنين والأم فيما سيشكل المشيمة لاحقًا، ونتيجة لهذه العملية من الممكن أن يحدث نزيف بسيط، في أول أربعة أسابيع بعد الحمل، والتي تكون فيه عملية تشكل المشيمة في أوجها.

  • ممارسة الجنس:

حسب الكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد (ACOG): «إن ممارسة الجنس أثناء فترة الحمل يمكن أن يُحدِث نزفًا بسيطًا من عنق الرحم -الجزء الأسفل من الرحم-».

وهذا نتيجة تضرر بعض الأوعية الدموية الصغيرة المنتشرة من جراء الإمدادات المشيمية، ولكن هذا بالتأكيد لا يضر الجنين أبدًا إلا في حالات نادرة جدًا.

  • العدوى:

العدوى المهبلية أو عدوى عنق الرحم يمكن أن تسبب بما يعرف بالتهاب عنق الرحم، وهو بدوره يمكنه التسبب بنزف أثناء فترة الحمل.

  • الحمل المنتبذ:

صرح الدكتور براون لموقع (live science) أن النزف أو التبقيع في مراحل الحمل الأولى يمكن أن يكون علامة على الحمل المنتبذ أو ما يعرف بالحمل خارج الرحم، وهو عندما تقوم البويضة الملقحة بالانغراس خارج الرحم، غالبًا في أحد قناتَي فالوب (الحمل الأنبوبي) أو أحيانًا في المبيض أو حتى في البطن.

إن الحمل المنتبذ حالة طبية طارئة كما قال الدكتور براون، وقال أيضًا أنه إذا حدث النزف فإن الطبيب الخاص يفحص المرأة الحامل بالموجات فوق الصوتية ليعرف ما إذا كان الحمل ينمو داخل الرحم أو خارجه.

وهناك أيضًا فحص دم لتقييم معدل هرمون الغدد التناسلية المشيمية (human chorionic gonadotropin) (hCG) الذي يظهر فقط عندما تكون المرأة حامل.

مستوى هرمون (hCG) يرتفع بشكل بطيء عندما يكون الحمل خارج الرحم مقارنة بالحمل الطبيعي داخل الرحم، وبذلك يشخص الطبيب ما إذا كان الحمل سليمًا أم لا.

  • الإجهاض:

يمكن أن يكون النزف خلال الأشهر الأولى من الحمل علامة على الإجهاض، وعمومًا فإن النساء اللاتي أجهضن أكثر من مرتين فإنهن الأكثر عرضة للإجهاض، وكلما كبرت المرأة في العمر كانت فرصة الإجهاض عندها أكبر.

  • الرحى العدارية:

أو ما يعرف بالحمل العنقودي، وهي الحالة التي تنمو فيها الأنسجة (التي من المفترض أن تنمو لتتطور إلى مشيمة) بشكل غير طبيعي، أو تنمو على شكل ورم داخل الرحم وذلك بحسب ما نشرته مؤسسة (March of Dimes).

إن الحمل العنقودي يسبب أحيانًا أعراضًا للمرأة الحامل في أشهرها الأولى كنزيف مهبلي يكون لون الدم فيه أحمر فاتح أو بني داكن، أو غثيان شديد أو قيئ، وأحيانًا خراجات أو كتلًا صغيرة تخرج من المهبل، وهذا حسب ما نشرته عيادة مايو (Mayo Clinic).

إن على المرأة الحامل المصابة بهذه الأعراض التواصل فورًا مع الطبيب المختص، أو التوجه إلى أقرب مستشفى للطوارئ لتقييم الحالة.

أسباب النزف في مراحل الحمل الأخيرة:

النزف الخفيف خلال مراحل الحمل الأخيرة يمكن أن يشير إلى التهاب في عنق الرحم، أو وجود كتل أو ورم على عنق الرحم، وهذا استنادًا إلى ما قالته الكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد (ACOG).

  • البواسير:

بسبب الوزن الزائد المكتسب مع الحمل، فإن البواسير والتي تكون عبارة عن أوردة متورمة في المستقيم أو فتحة الشرج، يمكن أن تتسبب أحيانًا بالنزيف.

ولكن ليس نزيفًا مهبليًا، بل بدلًا من ذلك فإن المرأة المصابة بالبواسير أثناء الحمل يمكن أن ترى بقع دم في المرحاض، بعد قضاء الحاجة أو في المناديل بعد المسح.

  • انفصال المشيمة:

النزف الشديد أثناء الحمل مقارنة بدم الدورة الشهرية يمكن أن يشير إلى خطأ في موقع المشيمة، كما قال الدكتور براون.

ومن مشاكل المشيمة الشائعة (انفصال المشيمة) ويحدث عندما تنفصل المشيمة عن جدار الرحم تاركةً الجنين بدون أكسجين.

إن هذه الحالة التي تحدث غالبًا في الثلث الأخير من الحمل خطرة للغاية وتستدعي رعاية طبية طارئة.

  • المشيمة المنزاحة:

قال الدكتور براون أن من المشاكل التي تتسبب في النزيف المهبلي أيضًا هي المشيمة المنزاحة.

هذه المشكلة الطبية تكون عبارة عن انزياح لموقع المشيمة إلى الأسفل، ما يسبب أحيانًا إغلاقًا تامًا أو جزئي لفتحة عنق الرحم.

  • الولادة المبكرة:

إذا عانت المرأة من نزيف حاد في أي وقت قبل الأسبوع الـ37 من الحمل؛ فإنها قد تكون في حالة ولادة مبكرة وهذا حسب عيادة مايو (Mayo Clinic).

استنادًا إلى الكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد(ACOG)؛ فإن بجانب النزيف الحاد قد تظهر أعراض مصاحبة كضغط في أسفل البطن أو الحوض وآلامًا في الظهر، إضافة الى تقلصات في المعدة أو تقلصات عادية.

إذا ظهرت هذه الأعراض فيجب على المرأة الحامل التواصل مع الطبيب المختص فورًا.

معرفة السبب وراء النزف الحملي:

هناك العديد من التحاليل والاختبارات التي من شأنها تحليل السبب الكامن وراء النزف الحملي، وكما قال الدكتور براون فإن هذه الاختبارات تساعد على متابعة الحمل بشكل سليم ومعرفة أسباب النزيف أو التبقيع إن وجد، كالتهاب عنق الرحم أو وجود أورام في الرحم.

من أحد أشهر الاختبارات المعروفة الفحص بالموجات فوق الصوتية، وهي عبارة عن مسح بالموجات الصوتية لتكوين صورة بالأبيض والأسود تبيّن آخر تطورات الجنين والمشيمة، وبإمكان هذه الموجات الكشف عن السبب وراء النزيف؛ كالكشف عن ما إذا كان الجنين في مكانه الصحيح أم لا (الحمل المنتبذ)، أو إذا كان هناك خلل ما في المشيمة (انفصال المشيمة)، أو حتى وجود علامات تدل على الإجهاض، وهذا بحسب مؤسسة (march of dims).

تلجأ بعض النساء إلى عمل تحاليل دم لقياس مستوى هرمون الغدد التناسلية المشيمية (hCG)، أو لمعرفة إذا كانت المرأة تحتاج لأخذ علاج جراء النتيجة السالبة لتحليل العامل الريسوسي (Rh) (أي إذا كان دم الأم لا يتوافق مع دم الجنين).

أخيرًا، فإن علاج النزف الحملي يعتمد أولًا وآخيرًا على الحالة الكامنة. ولكن بحسب ما قالته مؤسسة ((March of Dims؛ فإنه في أغلب الأوقات يكون علاج النزف أو التبقيع لا يتطلب الكثير.