عصر ما قبل الكمبري بداية الزمان وتكون الأرض


عصر ما قبل الكامبريّ – The Precambrian هو الاسم الّذي يطلق على أعظم مدة زمنية من تاريخ الأرض. استمرّ ذلك التّقسيم للزمن -هو نحو سبعة أثمان تاريخ الأرض- منذُ أوّل تكوينٍ للكوكب (أيْ منذ حوالَي 4.6 مليار سنة) إلى التّنويع الجيولوجيّ المفاجئ للحياة المتعدّدة الخلايا المعروفة باسم الانفجار الكامبريّ (يؤرّخ عادة منذ حوالَي 542 مليون سنة).

ويتكوّن دهر ما قبلَ الكامبريّ من ثلاثِ حِقَبٍ، وهي: الحقبة الخفيّة (Hadean) أو الجهنميّة، والحقبة الأركيّة Archean أو السّحيقة، وحقبة الطّلائع (Proterozoic) أو حقبة الحياة الأوّليّة. وتعرّف بعض العلماء إلى الحقبة الرّابعة الّتي يُطلق عليها تشاوتيان Chaotian، وهو العصر الّذي سبق الآخرين، وهو الوقت الأول لأول تكوين لنظامنا الشّمسيّ.

التطور:
العثور على بكتيريا في أستراليا الغربية عمرها 3.46 مليار سنة تقريبا.

Capture

الحقبة الخفيّة (Hadean) أو الجهنميّة:

وُجدت الحقبة الخفيّة أو الجهنميّة في الفترة ما بين 4.6 مليار سنة إلى 4 مليار سنة مضت. كما سُمّيت بالجحيم الأسطوريّ، وهو إشارةُ غير مباشرةٍ إلى الظّروف المحتملة في ذلك الوقت. خلال تلك الفترة كان النّظام الشّمسي يتشكل داخل سحابةٍ من الغبار والغاز، تلك السّحابة المعروفة باسم السّديم الشّمسي، الّتي ولّدت في نهاية المطاف الكويكبات والمذنبات، والأقمار والكواكب.

وضع علماء الجيولوجيا الفلكيّة نظريّةً مفادها أنّه منذ حوالَي 4.52 مليار سنة تصادمت الأرض في وقت مبكر مع جسم كوكبيّ الكتلة بحجم المريخ يُسمى ثيا Theia)). وأضاف التّصادم حوالَي 10% إلى كتلة الأرض. كما الْتأمَ الحطامُ من هذا التّصادم لتشكيل قمرِ الأرض. وهناك فرضيّة تقول بأنّ جوهر الجسم ثيا الحديديّ غرق وانخفض إلى مركز الأرض الّذي لا يزال منصهرًا، مُعطيًا كثافةً كافيةً لمركز الكوكب لأن يبدأ في البرود. بدأت عناصر أخفّ عائمة على السّطح لتشكيل رغوة أو زبد من مواد القشرة الأرضيّة.

كثيرًا ما تحوّلت هذه القشرة المبكرّة وتُصنّفت من قبل الباطن المنصهر. هناك عددٌ قليلٌ من الصّخور الأرضيّة من الحقبة الجهنميّة، وهي فقط بضعة شظايا معدنية وُجدت في ركائز الحجر الرمليّ في أستراليا. ومع ذلك، فإنّ دراسة التكوينات القمريّة تدلّ على أنّ النّظام (الأرضيّ/القمريّ) ظلّ مقصوفًا من قِبَل اصطدام الجسم الكوكبي الكتلة المتكرر خلال الحقبة الجهنميّة.


الحقبة الأركيّة Archean أو السحيقة:

في الفترة ما بين 4 مليارات و2.5 مليار سنةٍ مضت، بدأت الصّخور الدّرعيّة القارّيّة بالتكوّن. وشكّلت ما يقرب من 70% من مساحة اليابسة القارّيّة خلالَ ذلك الوقت. طَفَت اليابسةُ الصغيرة الّتي على هيئة جزرٍ على سطح البحار المنصهرة. وقد حصلت الأرض على كتلة كافية للاحتفاظ بمناخٍ متحوِّل مكوَّن من غاز الميثان والأمونيا وغازات أخرى. وتكثّفت المياه من المذنبات والمعادن المائيّة في الغلاف الجويّ فهطلت على هيئة أمطار غزيرة، عاملة على تبريد كوكب الأرض، وملْء المحيطات الأولى بالماء السائل.

السّبب وراء حدوث ذلك وتوقيته ليس معروفًا بدقّة، ولكنّ الأحافير الدقيقة لذلك الوقت تشير إلى أنّ الحياة في المحيطات بدأت منذ حوالَي 3.5 مليار إلى 2.8 مليار سنة. ومن المحتمل أنّ بدائيّات النّوى المجهريّة بدأت بينما كانت ذوات التغذية الكيميائيّة والبكتيريا اللاهوائية قادرةً على الحصول على الكربون من ثاني أُكسيد الكربون (CO2). وبحلول نهاية الحقبة السحيقة، تغطّى قاع المحيط بحصيرة حيّة من الحياة البكتيريّة.


حقبة الطّلائع Proterozoic أو الحياة الأوليّة:

يطلق على حقبة الطّلائع، حقبةُ الحياة الأوّليّة (Cryptozoic) أيضًا. منذ حوالَي 2.5 مليار سنة، تشكّل ما يكفي من الصّخور الدّرعية لبدْء العمليات الجيولوجيّة الممكنِ إدراكُها مثل الصفائح التكتونيّة. كانت الجيولوجيا على وشك الانضمام إلى علم الأحياء لمواصلة تقدّم الأرض من الجحيم المنصهر إلى كوكب مليء بالحياة. ومن المقبول عمومًا أنّ أنواعًا مختلفةً من الكائنات الحيّة البدائيّة النّواة كوّنت العلاقاتِ التكافليّة. ابتُلِعَت بعض الأنواعِ الأكثرِ كفاءةً في تحويل الطّاقة، بواسطة فقاعاتٍ وقائيّةٍ أكبر، وكانت قادرةً على حمايتها من البيئة القاسية. وأصبحت العلاقةُ التكافليّة مع مرور الوقت دائمةً، وأصبحت مكوّنات تحويل الطاقة هي البلاستيدات الخضراء والمُتَقَدِّرَات (الميتوكُندريات) من الخلايا الأولى الحقيقيةِ النّواة. وتسمّى هذه الخلايا المجهرية المبكرة (Acritarchs).

أَجبَرت الصفائحُ التكتونيّةُ منذ حوالَي 1.2 مليار سنة، الصّخورَ الدّرعيّة الموجودةَ على الاصطدامِ، وتشكيلِ «رودينيا» (وهو مصطلحٌ روسيّ يعني الأرض الأمّ) أول قارّة عظمى للأرض. امتلأت المياه الساحلية لرودينيا بالمستعمرات المستديرة من الطّحالب الضّوئية المعروفة باسم «ستروماتوليت». بدأ التّمثيل الضّوئي بإضافة الأُكسجين للغلاف الجوي، واضعًا الضّغط على الكائنات الحيّة المتكيّفة مع جَوّ الانخفاض في الأرض في وقتٍ مبكر.

تنوّعت الكائنات بسرعةٍ كبيرةٍ بعد عصرٍ جليديٍّ وجيزٍ في أواسط حقبة الطّلائع. حيث شهد عصر الإدياكارا (أو العصر الحديث من حقبة الطّلائع) الكائناتِ المتعددةَ الخلايا الأولى. وملأت الكائنات ذاتيّة التّغذية والكائنات الغيريّة التّغذية[1] الرّخوة مناطقَ الجرف القاري حول رودينيا. وكانت معظمُها من اللّاسعات المشابهة لقناديل البحر الصغيرة مع جسم شبيه بالعقرب وخلايا متخصّصة لِلَدْغ الفريسة ونقلها داخل تجويف الجسم. وأظهرت الأحافير بشكل كبير أنّ مختلف السكان قد أقاموا في مناطق مختلفة. استخدمت بعض الكائنات القاعيّة الّتي تسكن قاع البحر قَدمًا عضليةً للتمسّك بقاع المحيط. وتشير حفريات كيمبريلا (Kimbrella) امتلاكها لمحور (أماميّ/خلفيّ)، وجسم ثنائي التناظر[2] وبعض المؤشرات الّتي تشير أنّه كان بإمكانها أن تزحف. وصنّفها بعض العلماء أنّها مرتبطة بالرخويات.

الحدّ الفاصل بين فترة الإدياكارا في حقبة الطّلائع وفترة الكامبريّ في عصر الحياة القديمة ليس واضحَ المعالم كما كان مُعتقدًا في السابق. فقد كان يُعتقد أنّ زيادة الأُكسجين تسبّبت في انقراضٍ جماعيٍّ لأشكال الإدياكارا وتكاثر جيولوجيٍّ مفاجئٍ لأشكال معقدة جديدة. بات من المفهوم وجود العديد من الحيوانات متعددة الخلايا المعقدة القادرة على العيش في الأُكسجين العالي لبيئة الإدياكارا. إلّا أنّها كانت كلها رخوة الأشكال تقريبًا، والّتي تركت آثارًا أحفوريةً قليلة وراءها ممّا صَعّب علينا العثور عليها. كما تشير الوفرة النّسبيّة لأحافير الكامبريّ إلى زيادةٍ في الحيوانات الّتي تمتلك أجزاء جسم متكلّسة، والّتي كانت متحجّرةً بسهولة، وليس الانقراض الجماعيّ لحياة الإدياكارا كما كان يُعتقد سابقا.

مُلخّص العصور التّاريخيّة للأرض

مُلخّص العصور التّاريخيّة للأرض

 

 


الهوامش:
[1] كَائِناتٌ غَيْرِيّةُ التَّغَذِّيّة: تسمّى علميًا (Heterotroph)، وهي الكائنات الحيّة الّتي تحصل على غذائها عن طريق كائنات أخرى التي يستضيفها.
[2] الحيوانات ثنائية التناظر (Bilateria): وهي مجموعة ضخمة من الأنواع الحيوانات تتميز بتناظر ثنائي الجانب، وهي تحوي أغلبية الشعب الحيوانية.


إعداد: مريم خالد
تدقيق: عبدالسّلام الطّائيّ


References:

  1. ^ Jump up to:a b James Monroe and Reed Wicander, The Changing Earth, 2nd ed, (Belmont: Wadsworth Publishing Company, 1997), p. 492.
  2. Jump up^ “Pamela J.W. Gore, “The Precambrian”. Retrieved on 10/05/11″.
  3. Jump up^ “Zircons are Forever”. Retrieved 2007-04-28.
  4. Jump up^ http://www.stratigraphy.org/upload/bak/chron.htm Ch. 9 “Chronostratigraphic Units,” note C7 and Table 4
  5. Jump up^ Brun, Yves and Lawrence J. Shimkets, Prokaryotic development, ASM Press, Jan. 2000, p. 114 ISBN 978-1-55581-158-7
  6. Jump up^ Fedonkin, Mikhail A.; James G. Gehling; Kathleen Grey; Guy M. Narbonne; Patricia Vickers-Rich (2008). The Rise of Animals: Evolution and Diversification of the Kingdom Animalia. JHU Press.ISBN 9780801886799.
  7. Jump up^ Dawkins, Richard; Yan Wong (2005). The Ancestor’s Tale: A Pilgrimage to the Dawn of Evolution. Houghton Mifflin Harcourt.ISBN 9780618619160.
  8. Jump up^ Terrestrialization (Precambrian–Devonian)
  9. Jump up^ Clemmey, Harry; Badham, Nick (1982). “Oxygen in the Precambrian Atmosphere”. Geology. 10 (3): 141–146.Bibcode:1982Geo….10..141C. doi:10.1130/0091-7613(1982)10<141:OITPAA>2.0.CO;2.
  10. Jump up^ Geological Society of America’s “2009 GSA Geologic Time Scale.”
  11. Jump up^http://www.uwsp.edu/geo/faculty/hefferan/Geol106/CLASS3/hadean.htm
  12. Jump up^ Bleeker, W. (2004) [2004]. “Toward a “natural” Precambrian time scale”. In Felix M. Gradstein; James G. Ogg; Alan G. Smith. A Geologic Time Scale 2004. Cambridge University Press. ISBN 0-521-78673-8. also available at Stratigraphy.org: Precambrian subcommission
  13. Jump up^ Zhao, Guochun; Cawood, Peter A.; Wilde, Simon A.; Sun, M. (2002). “Review of global 2.1–1.8 Ga orogens: implications for a pre-Rodinia super-continent”. Earth-Science Reviews. 59: 125–162.Bibcode:2002ESRv…59..125Z. doi:10.1016/S0012-8252(02)00073-9.
  14. Jump up^ Zhao, Guochun; Sun, M.; Wilde, Simon A.; Li, S.Z. (2004). “A Paleo-Mesoproterozoic super-continent: assembly, growth and breakup”.Earth-Science Reviews. 67: 91–123. Bibcode:2004ESRv…67…91Z.doi:10.1016/j.earscirev.2004.02.003.