هذا ما توصل إليه باحثان من جامعة كولومبيا البريطانية بعد الانتهاء من إكمال دراستين في هذا المجال، والنتيجة التي خرجت بها هاتان الدراستان هي أن البشر غالبًا يحكمون على الأشخاص ومدى موثوقيتهم اعتمادًا على ملامح معينة من وجه الشخص (وليس التعابير التي تُرسَّم عليه).

تطرح نتائج الدراستين الحاليتين إضافةً إلى دراساتٍ سابقة ما مفاده: أن للمظهر الجسماني أثرًا كبيرًا في تحديد مدى مصداقيتك المفترضة إضافةً إلى صفاتك الشخصية من وجهة نظر الآخرين.

ولهذا المظهر تأثيرٌ قويٌ جدًا يتفوق حتى على سلوكك أو أسلوبك في الحديث، إذ يكون هذا الأثر المُشار إليه بارزًا بشكلٍ واضح في المجالات الاجتماعية والوظيفية إضافةً إلى بروزهِ في مجال ضوابط العدالة الجنائية.

وطبقًا للدراسات التي أجراها هذان الباحثان، فقد تم توجيه أسئلة لمجموعة المشاركين في الدراسة، بحيث يُطلب منهم مشاهدة مقطع فيديو، والاستماع للحجج على شكل مقطع صوتي، أو التحقق من صور أشخاص يسألون علنًا عن عودة أحد الأقرباء المختطفين.

وبعد ذلك، يُسأل المشاركون عن تصوراتهم الشخصية العامة وعن مدى موثوقية هؤلاء الأشخاص وصدقهم.

وتُعلق ألايشا بَيكر، الباحثة المشاركة في الدراسة، والتي تولت الجزء الأكبر من البحث قائلةً: «نستمد نحن البشر معظم المعلومات التي تشكل انطباعنا عن موثوقية الآخرين من وجوههم، وبتعبيرٍ أدق.

هناك بعض الملامح الوجهية المعينة التي تحدد فيما إذا كان الشخص يبدو كشخصٍ جديرٍ بالثقة، ومن هذه الملامح: الحواجب العالية وعظام الخد الأبرز.

إضافةً إلى شكل الوجه الدائري، وعلى الجانب الآخر، هناك ملامح أخرى من شأنها أن تجعل الشخص ذا مظهرٍ غير جديرٍ بثقة الآخرين، منها كَوْنُ الحواجب مقوسةً إلى الأسفل أو الوجه الضعيف».

أُدْرِجَت في الدراسة قضيتان إجراميتان حقيقيتان. إحداهما لامرأةٍ تبلغ واحدًا وثمانين عامًا، وأخرى لأبٍ لطفلةً مفقودة تبلغ التاسعة من العمر.

وأثناء مراجعة المشاركين للمحاكمة الخاصة بالقضية، اعتقدوا ببراءة المرأة المسنة من تهمة قتل زوجها، بينما حَكَم العديد منهم على الأب بالكذب استنادًا على شكل الوجه، بالرغم من أن مجريات القضية أثبتت أن السيدة المسنة قد قتلت زوجها، وبأن الأب قد أُثبِتَت براءته لاحقًا.

يقول بيكَر: «وعندما نواجه شخصًا ما، في أي ظرفٍ كان، نكون انطباعنا عنه تلقائيًا وبشكلٍ فوري، ونحدد بناءً على هذا الانطباع فيما إذا كان جديرًا بثقتنا، ويعود السبب في ذلك إلى أن هذا النوع من التقييم قد ساعدنا على البقاء من ناحية تطورية.

فعلى سبيل المثال، نحدد فيما إذا كان الشخص صديقًا أو عدوًا منافسًا، وكأشخاص فإننا غير واعين لمثل هذا القرار السريع الذي قد نعرِّفُهُ على أنه (الحدس) والذي قد يكون مصدرًا للإشكال فيما يتعلق بالنظام القانوني نظرًا إلى أن انطباعاتنا الأولى لا تستند -في الغالب- على أساسٍ صحيح أو قد تقود إلى تحيزٍ في تكويننا لقرارنا».


ترجمة: علي حميد.
تدقيق: عبدالله الصباغ.
تحرير: أحمد عزب
المصدر
المصدر1
الدراسة