هل تتحكم رسائل الإعلام الخفية بنا؟


لم تخطّط يومًا للتّسوّق، ولكنّك في نهاية المطاف، تذهب للتسوّق عائدًا بأربعة أزواج جديدة من البناطيل والقمصان.

كيف يحصل ذلك؟

يبدو الأمر أنّك ترغب بالتّسوق بالفعل، ولكنّك لم تدرك ذلك حقًّا.

أثبت الباحث الهولّندي، مارتن فلتكامب «Martijn Veltkamp»، إمكانيّة تحفيز الآخرين عبر رسائل مموّهة:

كومضات من الكلمات الّتي تظهر على الشّاشة بصورة سريعة دون ملاحظتها، وهي الطّريقة الأنجح، إذ توافقت تلك الرّسائل المموّهة معَ الحاجات البيولوجيّة للشخص، وارتبطت سلوكياتهم بالتأثير الإيجابي.

حتى تجعل الآخرين يتصرفون حسب إرادتك، لابدّ أن تعلم بأن جميع التصرفات هي نتيجة لتخطيط العقل، فبمجرد ما تتشكل الفكرة في العقل (كالشرارة)، فإن الحرمان أو وجود علاقة إيجابية مع إجراءات معينة يمكن أن تشكل دافعًا لتنفيذ الأمر.

هذه العوامل الثّلاثة، سبق دراستها بشكلٍ مستقلّ، ولكن، فلتكامب بيّن لأول مرة كيف يمكن لهذه العوامل الثّلاثة أن تعمل معًا لإثارة السّلوكيات الحركيّة في اللاوعي.

مثل شرب الماء، حتّى وإن لم تكن ظمآنًا

درس فلتكامب هذا التّفاعل في سلسة من التّجارب، من بينها قيامه بإظهار ومضات من الكلمات، مثل “الشُّرب” و”العطش” على شاشة كمبيوتر بصورة سريعة، حتّى لا يتمكّن المبحوثين من التقاطها بشكلٍ كافٍ.

يرى العلماء أنّ هذه “الشرارة”، تجعل من تصرّفاتنا أمرًا يسهل الوصول إليه.

مجموعة من المشاركين، ارتبط ردّ فعلهم مع الحرمان – حيث كانوا عِطاشًا.

بينما في المجموعة الأخرى، ارتبطت كلمة “شُرب” مع الكلمات الإيجابية الّتي أدّت إلى وجود ارتباطاتٍ إيجابيّة.

جمع فلتكامب العوامل الثّلاثة معًا، بثلاث طرقٍ مختلفة، ومن ثَمَّ دوَّنَ مدى رغبة المُشاركين بشرب الماء.

أظهرت نتائج التّجارب، بأنّ الدّافع للقيام بفعلٍ معيّنٍ (كالشّرب)، يحدث حين يتوافق الفعل مع الحرمان (كالعطش)، أو إذا كان لديه علاقة إيجابية بالفعل.

هذان الدافعان، يشيران إلى أنّ القيام بتصرّف ما يستحقّ الجهد، ومع ذلك، إذا كان كلا الاثنين يُصدِران إشاراتٍ تلقائية بنفس الوقت، حينها لا يرتفع الدافع.

في تجربة أخرى، برهن فلتكامب على التّأثير القويّ من وجود العلاقة الإيجابية، إذ سمح للمشاركين بأكل الخيار للتّخفيف من الجفاف ( نقص سوائل الجسم).

وكما هو متوقّع؛ كان المشاركون أقلّ رغبة بشرب الماء لاحقًا، نظرًا لإشباع حرمانهم بتناول الخيار.

ولكن، ظلّ الدّافع أكبر عند المشاركين الّذين يملكون علاقة إيجابية.

أكواب كبيرة من الماء

أظهر الباحث فلتكامب أنّه حتّى إن لم تدرك الأمر، فبجانب التّحفيزات من المُؤثّرات الخارجيّة حولك، فإنّ الطّريقة الّتي ننظر بها إلى العالم من حولنا، ممكن أن تتغيّر.

وأظهرت دراسة سابقة، أنّ النّاس ينظرون إلى الأشياء النّفيسة أكثر من الأشياء الّتي لا قيمة لها.

أوضحت أبحاث فلتكامب أنّ المهم ليس في القيمة الحقيقية للأشياء، ولكن القيمة التحفيزية لها، فإذا كان الهدف من شيء ما تحقيق هدف، حينها ستنظر له كشيء أكبر ممّا هو عليه حقًّا، وهذا ما اعتمد عليه فلتكامب في بعض التجارب، فقد كانت كوؤس الماء أكبر في بعض التجارب، حينما لم يحصل المشاركون على الماء لفترة من الزّمن.

موَّلَت أبحاث مارتن فلتكامب مِنح فيدي «Vidi»، بإشراف هنك آرتز «Henk Aarts»، من منظّمة البحث العلمي (NOW) بعام 2003.

حيث يحاول آرتز من خلال هذه المِنح، معرفة كيف يتمّ تحفيز النّاس باللاوعي.

*NMO: Netherlands Organization for Scientific Research


  • ترجمة: رزان بن سلمان
  • تدقيق: مرام سالم

المصدر