مع أن كروية الأرض هي معلومة معروفة منذ قرون طويلة، وحتى أن القدماء قاسوا محيط الأرض بدقة عالية، يبدو أن أسطورة الأرض المسطحة لا تزال حية وبقوة بين الكثير من مصدقي نظريات المؤامرة حتى اليوم. لكن كيف يمكننا التأكد من أن الأرض كروية حقاً؟ وهل هناك أي شك بكون الأرض مسطحة؟

كيفَ يمكنُ لأيِّ شخصٍ إثباتُ أنَّ الأرضَ كرويّة؟

الجواب: لدينا الآن إمكانية الوصول إلى الفضاء، وأسهل وسيلة لإثبات كروية الأرض هو أن تتركها وتذهب لمشاهدتها من مسافة بعيدة. ولقد فعلها رواد الفضاء والمسابر الفضائية.

تُظهر جميع الصور المُلتقطة للأرض شكلًا دائريًّا، والجسم الصلب الهندسي الوحيد الذي يبدو وكأنّه دائرة من أيّ اتّجاه هو الجسم الكروي.

خسوف القمر كدليل لكون الأرض كروية

ويجيب عالم الفيزياء ومحاضر علم الفلك بول والورسكي قائلًا: «إنّ من أقدم الأدلة على كروية شكل الأرض (يُمكن أن يُنظر إليه من الأرض) يحدث خلال كلّ خسوف للقمر.

ذلك وقد عُرفت هندسة خسوف القمر منذ اليونان القديمة. عندما يحدث اكتمال للقمر في مستوى مدار الأرض، يتحرك القمر ببطءٍ خلال ظلّ الأرض. في كلّ مرة يُشاهد فيها هذا الظل، تكون حافته مستديرة». مرة أخرى، الجسم الصلب الوحيد الذي يُنتج ظلًّا مستديرًا يكون جسمًا كرويًّا.

الأفق يثبت أن الأرض ليست مسطحة

ويجيب فرانك دي بونافينتورو الفيزيائي وضابط سلاح الجو، عن السؤال بالآتي: طُرِح هذا السؤال لسنوات عديدة، وتقابله بعض الإجابات البديهية جدًّا، ولكن الآن توجد بعض الإجابات غير البديهية.

كبداية نقول: يوجد هنالك أفق، وهذا يعني أنّ السطح الذي نراقبه ونلاحظه ليس مستويًا لانهائيّ. إنّ أقصى ما يمكن لنطاق البصر أن يراه في أكثر الأيام صفاء هو الأفق.

ومن الممكن أن يكون هناك تفسيران لهذا، الأول: هو أنّ الأرض في مرحلة ما تتوقف ببساطة، كما لو كنت تنظر قبالة حافة الطاولة. والآخر: هو أنّ الأرض كروية.

منذ مئات السنين، وقبل اختراع البوصلة أو آلة السدس (آلة لقياس ارتفاع الأجرام)، كانت الملاحة الدقيقة للسفن صعبة للغاية، حتى بواسطة النجوم.

وغالبًا ما كانت تهلك السفن التي غامرت لاكتشاف الأراضي ما وراء الأفق، وبالتالي كان يعتقد أنّ العالم ببساطة يتوقف -أي أنّ له نهاية- عند نهاية الأفق.

ومع اختراع البوصلة، وتحسّن رسم الخرائط، تجرأت النّاس أكثر، ومع عودة كولومبوس من رحلته عبر المحيط الأطلنطي، تحطم المفهوم القديم الذي يقضي بأنّ الأرضَ مسطحة.

الجاذبية تثبت أن الأرض كروية

جاء دليل آخر على كروية كوكب الأرض بعد رحلة كولومبوس، عندما اكتشف نيوتن قوة الجاذبية وقام بقياسها، عندها كان من الممكن اختبار هذا العدد في كلّ مكانٍ عرف النّظرية.

منذ أن كانت قوة الجاذبية هي تقريبًا ذاتها في كل مكان في العالم، صار المُعتقد أنّ الأرض يجب أن تكون كروية.

هذا إن لم تكن الأرض دائرية، فإنّ العالم كلّه سوف يمتلك ضغطًا جويًّا مختلفًا وسوف تختلف مستويات البحار اختلافًا كبيرًا.

وقد أثبتت الصور التي التُقِطت من الأرض في السنوات الخمسين الماضية إثباتًا قاطعًا على أنّ الأرض كروية.

هذه ليست سوى مناقشات وبراهين لا تحتاج الكثير من المعرفة الفيزيائية لشرحها، وهناك مناقشات أخرى أكثر تقنية، ولكنّي أعتقد أنّ أبسط البراهين هي الأفضل.

طرق بسيطة لإثبات كروية الأرض ودحض نظرية الأرض المسطحة

هناك العديد من الأساليب الأكثر شيوعًا التي يمكن لأي شخص أن يثبت بها أن الأرض هي جسم كروي.

وإليك بعضها:
يمكنك إطلاق صاروخ إلى مسافة عمودية مرتفعة والتقاط صور للأرض (تلك الطريقة بالفعل استخدمت بواسطة مختلف الوكالات الحكومية والمجموعات الخاصة آلاف المرات في الماضي)، ولكن تلك الطريقة ليست الأكثر عملية.

الصور وأشرطة الفيديو التي اتخذت بواسطة الأقمار الصناعية التي تدور والمحطات الفضائية هي بالتأكيد أكبر دليل قاطع بأنّ الأرض كروية الشكل.

ولكن إذا لم تكن مقتنعًا بالإثبات السابق، تابع القراءة إذن.

يمكنك أيضًا مراقبة السفن بواسطة المناظير وهي تغوص ببطءٍ في أدنى الأفق بينما هي تبحر أبعد وأبعد في الخارج إلى المحيط، ثم مشاهدتها تعود.

من المؤكد أنّها لم تسقط من على حافة الأرض! كما يمكنك الإبحار أو الطيران في جميع أنحاء العالم.

وقد اكتشف الإغريق كروية الأرض من خلال مراقبة الخسوف القمري (أي عندما تحجب الأرض الشمس عن القمر، وتلقي بظلالها المستديرة على سطح القمر).

طريقة أخرى للإثبات هي قياس طول الظلال التي ألقتها أعمدة متطابقة عمودية في وقت واحد بسطح مستوٍ متلامس بنصف قطر الأرض في مواقع مختلفة وبعيدة.

فإذا كانت الأرض كروية فعلًا، فإنّه سينبغي للظلال أن يختلف طولها من موقع بعيد إلى آخر، وهو ما يعني أنّ زاوية الأشعة المتوازية من أشعة الشمس التي ضربت كل قطب تنوعت واختلفت من مكان إلى آخر.

(تذكر نظرية الزوايا المتبادلة من صف الهندسة) أمّا إذا كانت الأرض مسطحة، فإنّ أطوال جميع الظلال يجب أن تكون متطابقة عند قياسها في وقت واحد، حيث إنّ جميع أشعة الشمس التي تضرب الأرض ستكون متوازية.

ولكن النتيجة أنّها ليست متطابقة في الواقع، والاختلاف في قياس الزوايا يُشير إلى وجود سطح كروي (كانت هذه واحدة من أقدم الطرق لتحديد نصف قطر الأرض).

ضع في الاعتبار أيضًا نطاقات الأربع والعشرين ساعة.

فعندما يكون وقت الظهر في هاواي، فهي حوالي منتصف الليل في منطقة الشرق الأوسط والعكس بالعكس.

كيف يمكن أن يتواجد الظهر ومنتصف الليل في وقت واحد؟ من المؤكد أنّه مستحيل ذلك مع أرض مسطحة وشمس أكثر ضخامة بملايين المرات.

لو كنت مليارديرًا ولائقًا جسديًا، سيكون إثبات أنّ الأرض كروية لك ليس بمشكلة.

ببساطة يمكننا أخذك على متن المكوك الفضائي وسوف نشاهد بأعيننا كوكب الأرض من محطة الفضاء الدولية الدائرة.


  • إعداد: مريم خالد
  • تدقيق: عبدالسلام الطائيّ
  • تحرير: رغدة عاصي
  •  المصدر