حين صعدت أول رائدة فضاء أمريكية، سالي رايد (Sally Ride) إلى الفضاء عام 1983، لم يكن لدى الطاقم الطبي والمهندسين في ناسا أية فكرة عن تأثير شبه انعدام الجاذبية في الفضاء على الدورة الشهرية.

ما الذي سيحدث لدم الحيض؟ هل سيتدفق كما في الوضع الطبيعي أم أنه سيرجع إلى الرحم مسببًا مشاكل صحية؟

ليتضح بعد ذلك أن الدورة الشهرية لا تختلف كثيرًا عنها على الأرض، فمنذ عقود والمرأة تصعد إلى الفضاء في مهمات خلت من أية مشاكل.

لكن معلوماتنا حول هذا الموضوع مقتصرة على المهمات قصيرة الأمد.

فماذا سيحدث حين تُبعث المرأة في مهمة لاستكشاف المريخ مثلًا، حيث تستغرق الرحلة وصولًا الى هناك حوالي 9 أشهر.

يقوم نظام استصلاح المياه بإعادة تدوير البول إلى ماء صالح للشرب، وهو أحد أنظمة التخلص من النفايات على متن محطة الفضاء الدولية (ISS)، لكنه غير مصمم للتخلص من دم الحيض.

فضلًا عن أن النظافة الشخصية ليست بالمثالية في الفضاء بسبب الاستخدام المحدود للماء ومرافق الاستحمام.

لذلك تلجأ رائدات الفضاء اليوم إلى تناول موانع الحمل الفموية لتخطي الدورات الشهرية أثناء الرحلات الفضائية أو التدريب، وأكثر موانع الحمل المستخدمة هي حبوب هرمون البروجستيرون الفموية، ذلك بحسب ورقة نشرت في مجلة مايكروغرافيتي (Microgravity).

كما يعتبر اللولب الرحمي (IUD: Intrauterine Device) هو ثاني أفضل الخيارات لديهن، والذي يقوم الطبيب بإدخاله ليبقى في الرحم 3-5 سنوات دون مضاعفات. يوجد نوعين من اللوالب الرحمية أحدهما هرموني أكثر فاعلية وآخر نحاسي.

إضافة إلى مانع الحمل المزروع تحت الجلد، الذي يمكن استخدامه بأمان لمدة تصل لثلاث سنوات.

وأخيرًا حقنة ديبو بروفيرا (Depo-Provera) ، وهو هرمون يشبه البروجستيرون في التركيب، يتم حقنه مرة كل 12 أسبوعا ويمكن استخدامه بأمان لمدة 2-3 سنوات.

«لا يوجد سبب طبي يفسر تكرار دورة الطمث شهريًا، لذا فمن الآمن تمامًا تخطيها» هذا ما تقوله كريستين جاكسون ((Kristin Jackson طبيبة مختصة في أمراض النساء والتوليد.

وعلقت على موضوع تفضيل واحدة من طرق منع الحمل عن الأخريات قائلة: «من المهم أن نشير إلى أنه لا يوجد طريقة تضمن تثبيط كل الدورات الشهرية، فكل امرأة مختلفة عن الأخرى، ولكن بعض الطرق تكون موثوقة أكثر من غيرها».

لكن الطرق الموثوقة ليست دائمًا هي الأسلم. تقول جاكسون موضحة تأثير حقنة ديبو بروفيرا على العظام: «يعتبر فقدان العظام واحدًا من الآثار الجانبية للحقنة، لذلك نقوم بمتابعة المريضة بعد حقنها، لكن العيش في بيئة منعدمة الجاذبية يؤدي بحد ذاته إلى فقدان العظام، لذا فالحقنة لن تكون الخيار الأنسب في هذه الحالة».

تضيف (فارشا جين Varsha Jain) من مركز علوم فيسيولوجيا الإنسان والفضاء في كلية كينجز لندن (King’s Collage London) وفريقها إلى ما قالته جاكسون، أن مسألة الشحن الفضائي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار أيضًا.

«إن الرحلة الفضائية التي تستغرق 3 سنوات تتطلب مؤونة من الأقراص تصل إلى 1100 حبة دواء، والتي تحتاج إلى مساحة تخزين، علاوة على طريقة للتخلص من نفاياتها».

كما يوجد تقارير عن فقدان العظام حتى مع حبوب منع الحمل. مما يجعل من اللولب الرحمي والزرع تحت الجلد الخياران الأنسب لرائدات الفضاء، حيث أنها تحل مسألة التخلص من النفايات، وتُزرع خلال فترة قصيرة قبل الرحلات الفضائية، ولا حاجة لاستبدالها إلا بعد عودتهن إلى الأرض.

هنالك حاجة لمزيد من الدراسات من أجل فهم تأثير انعدام الجاذبية على الهرمونات وفقدان العظام، ولكن يجب أن يكون ذلك قبل استيطان أي كوكب جديد.


  • ترجمة: آية ملص
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • تحرير : ندى ياغي

المصدر 1 / المصدر 2