تحطيم الرقم القياسي العالمي بتشابك عشر أزواج فوتونية


كما عبر عنه اينشتاين ذات مرة: “حدث غريب بعيد”، إنه التشابك الكمي.

التشابك الكمي هو ظاهرة غريبة حيث يتفاعل فوتونان بطريقة يكونان متصلان جداً حتى يتشاركا “الوجود”.

هذا يعني أن ما يحدث في فوتون سيؤثر مباشرةً ولحظياً على الفوتون الآخر، وإن كان على بعد عدة سنين ضوئية. هذا يبدو غير معقول، ولكن التشابك الكمي يتم استخدامه بالفعل في العديد من المختبرات حول العالم حالياً. حتى أن مجموعة فيزيائيين في الصين حطموا مؤخراً رقماً قياسياً في عدد الفوتونات –أو الجزيئات الضوئية-التي يمكن تشابكها كميًا.

في وقت من الأوقات كان يعتبر حدوث هذا الشيء نادراً، واقتصر على النقاش حين التكلم عما يحدث للمادة عند دخولها الثقوب السوداء –وما زلنا لا نعرف ماذا يحدث-. أصبح التشابك الكمي خلال السنوات الماضية الشغل الشاغل للفيزيائيين، وأصبحوا يعملون على كل شيء من التشفير الى التنقل عبر الزمكان -teleportation-.

يمكن القول بأن أكثر تطبيق للتشابك الكمي إثارة هو الحوسبة الكمية -quantum computing-، وهو تكنولوجيا يُتَوقع أن تغير كل شيء في كيفية معالجة وتخزين المعلومات في المستقبل. فكر في هذا: إن حاسوب Google الكمي الجديد أسرع ب 100 مليون مرة من الحاسوب المحمول، وهو ليس حتى كمياً بالكامل!
أصبح الفزيائيون جيدين جداً بجعل الفوتونات تتشابك في المختبرات، حتى أن هناك فريق في الولايات المتحدة يفكر في فتح باب لمتطوعين ليروا المشاهد بالعين المجردة. لكن هناك حد للعدد الذي يمكن تشابكه من الفوتونات في الوقت نفسه.

حسب تقارير معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، حتى الآن، إن الحد الأقصى لعدد الفوتونات التي يمكن تشابكها هو 8 في الوقت نفسه، وهذه التشابكات يمكن فقط أن تحدث بمعدل 9 مرات في الساعة.

فإذا أردنا أن نثبت بالمطلق أن الحواسيب الكمية والتنقل عبر الزمكان -teleportation-تكنولوجيا قابلة للتطبيق على أرض الواقع مستقبلاً، فيجب علينا أن نصل لمعدلات أعلى في التشابك الكمي وبعدد فوتونات أكبر.

لحسن الحظ هذا ما ينوي فعله فريق من جامعة العلوم والتكنولوجيا في الصين.

“لقد أعلنوا اليوم أنهم أنتجوا 10 تشابكات فوتونية للمرة الأولى. وفعلوها بمعدل يعد أقوى ب 3 مرات من أي تجربة سابقة” حسب التقرير التكنولوجي للمعهد.
فكيف قاموا بذلك؟ وجد الباحثون، بقيادة الفيزيائي زي-لين وانج، طريقة للتغلب على العقبة الرئيسية لتشابك الفوتونات باستخدام طريقة تسمى التحويل البارامتري التلقائي.

مبدئياً، إن كنت تريد أن تحصل على تشابك كمي، فعليك أن تأخذ فوتوناً نشيطاً واحداً، وتقسمه باستخدام ليزر إلى فوتونين اثنين بشحنة أقل داخل كريستال من بورات البيتا باريوم. هذان الفوتونان سيتشابكان طبيعياً.

لكي تحصل على 8 تشابكات -أو أن تحطم الرقم القياسي ب 10 تشابكات-يمكنك أن تغذيهم عبر فاصل أشعة وتجعلهم يصلوا في نفس الوقت، وبذلك يمكنك أن تشابك أزواجاً.

لتحصل على أكثر وأكثر من الأزواج المتشابكة فعليك أن تتابع صدم الكريستال بالليزر، لكن المشكلة هي أن احتمالية النجاح هي مرة كل تريليون مرة. فعليك ان تحرص على ان تجمع الأزواج الذين تشابكوا بالفعل.

“هذا ليس عملاً سهلاً. لأن الفوتونات تخرج من الكريستال في اتجاهات مختلفة قليلاً ويصعب توقعها. الفيزيائيون يجمعون الفوتونات من النقطتين الأكثر احتمالاً أن يظهروا بها، لكن أغلبهم يضيع” كما ذكر بالتقرير التكنولوجي للمعهد.
يجب ان يكون هناك طريقة أفضل، صحيح؟ صحيح.
وجد فريق وانج طريقةً للتغلب على هذه المشكلة بتقليل عدد اتجاهات الفوتونات المتشابكة المولودة بالتحكم في شكل أشعة الفوتونات.
وقد استطاعوا زيادة عدد الأزواج المتشابكة التي يمكن جمعها، كما ضاعفوا هذه الطريقة باستخدام ليزر بقوة 10 مليون وات الذي يمكن من تشابك عدد أكبر من الفوتونات في الوقت نفسه.

“نحن نعرض، ولأول مرة، تشابكاً أصلياً ونقياً ل 10 فوتونات” كما ورد في البحث.

الجدير بالذكر أن الدراسة تم نشرها على الانترنت قبل أن تتم مراجعتها في مجلة علمية، لذا يجب تأكيد البحث أولاً.

لكن بمجرد أن يتم إعلانه رسمياً، سيتم تنفيذ العملية الجديدة والأكثر فعالية لإنتاج أزواج فوتونات متشابكة في كل المختبرات حول العالم، وهذا سيساعدنا أن نعرف بالمطلق فيما إذا كانت الحواسيب الكمية سترتقي للاسم المعطى لها.


ترجمة: أدهم الطنطاوي
تدقيق: حسين قاسم

المصدر