عبر العقدين الأخيرين، اعتمد مصمّموا وصانعوا شاشات اللمس عدّة تقنيّات مُختلفة لتحديد مكان الإصبع على الشّاشة، من عند التقنيّات الميكانيكيّة، الضّوئيّة، والكهربائيّة.

شاشات اللمس التّكاثفيّة (Capacitive Touchscreens)، وهي التّكنولوجيا الأكثر إنتشارًا هذهِ الأيّام، أثبتت أنّها الأكثر مرونة وفاعليّة في استشعار لمسة الإنسان.

المكثّف (أو كما يُعرف بالإنجليزيّة: Capacitor) هو أحد مكوّنات الدائرة كهربائيّة والمكوّن، بأبسط صورِهِ ، من لوحين موصلين وتفصل بينهما مادّة عازلة.

التيّار المباشر (Direct Current – DC) لا يستطيع عبور هذهِ الفجوة بين اللّوحين، ولكنّ التيّار المتردّد (Alternating Current – AC)، على الجهة الأخرى، يستطيع أن يحثّ بعض الشّحنات على التدفّق من جهة واحدة إلى الجهة الأخرى.

سطح شاشة اللمس مُغطّى بشبكة من هذهِ الألواح الكهربائيّة، ولذلك أينما يقع اصبعنا على الشّاشة يتشكّل وصلٌ كهربائيّ تكاثفيّ، والتيّار المتردّد الذي يتولّد داخل الجهاز يحفّزُ تيّارًا مماثلاً في أجسامنا – ممّا يُساعِدُ على سدّ الفجوة وإكمال الدّائرة الكهربائيّة.

“جسم الإنسان هو موصلٌ جيّد للكهرباء”، يوضّحُ نيل جيرشينفيلد، مدير مركز الأرقان والذرّات (Center for Bits and Atoms) التّابع لمعهد ماساتشوستس التّكنولوجيّ (MIT).

ولذلك إستخدام أصابعنا لإكمال الدّائرة الكهربائيّة يسهّل علينا كثيرًا رصد لمسة الإنسان بدقّة عالية.

حتّى يستشعر مكانٌ ما على شبكة الألواح التي تغطّي شاشة الجهاز وجود التيّار المتردّد، “لا بُدّ من وجود سبيل لعودة التيّار الكهربائيّ،” يخبرنا جيرشينفيلد.

في حالة شاشات اللمس على الأجهزة المحمولة، اليد الأخرى التي تمسك الجهاز كفيلة بإكمال الدّائرة الكهربائيّة حتّى الجانب الخلفيّ للجهاز، وهو الجانب المؤرّض كهربائيًّا (Electrically grounded).

وأمّا في حالة وجود شاشة اللّمس في أجهزة أكبر، مثل ماكينة الصرّاف الآليّ، فإنّ جزءً من جسدنا سيكونُ في غالب الأحوال مُتّصلاً بمؤرّضٍ ما، ممّا يضمنُ أنّ أصابعنا قادرة على إكمال الدّائرة الكهربائيّة لعمل شاشة اللّمس التّكاثفيّة.

إذا وجدتَّ فيما عرضنا دواعي للتنبّه والحذر لأنّ التيّار الكهربائي يمرّ عبر جسدك، فلا تقلق.

التيّار الكهربائي المتردّد في شاشات اللّمس يلتزمُ بالمستويات الطّبيعيّة لوصل الشّحنات الكهربائيّة في أجسامنا.

إنّ الثّورة الحقيقيّة والفائدة المُتحصّلة لشاشات اللّمس الحديثة تكمنُ في سرعة استجابتها.

هذه القدرة الفريدة تُعزى إلى قطعة إلكترونيّة تُسمّى بالمتحكّم الدّقيق (Microcontroller).

وراء كُلّ لوح في شبكة الألواح الكهربائيّة الموجودة على شاشة اللّمس هنالك متحكّم دقيق يتميّزُ بسرعة نبض (Clockspeed) نانوثانويّة (أي أنّ بإستطاعتِهِ تزويد قرابة المليار صعقة كهربائيّة بسيطة في الثّانية).

هذه السّرعة الفريدة هي ما يمهّدُ لسهولة ومرونة التّفاعل بين الهواتف الذكيّة العصريّة ولمسة الإنسان، وهذا التقدّم التّكنولوجيّ هو الذي دفع الإزدياد في جاذبيّة شاشات اللّمس في السّنوات الأخيرة.


المصدر