عندما كانت شمسنا فتية، كانت تنفث بالتوهّجات الضخمة وملأت النظام الشمسي برياح شمسية عاتية.

ولحسن الحظ، نَمَت الشمس ونضجت ووصلت إلى حالتها الهادئة الآن.

وفي الأوقات المبكرة على الأرض، منح الغلاف المغناطيسي الحماية ضد الأضرار النجمية، والتي سهّلت وجود الغلاف الحيوي.

ومن خلال دراسة نجم مشابه للشمس يُدعى Kappa Ceti، فنعلم الآن كم نحن محظوظون لأننا نملك مجال مغناطيسي فعّال كهذا.

يوجد Kappa Ceti على بُعد 30 سنة ضوئية فقط في كوكبة قيطس Cetus ويقدّر علماء الفلك عُمره ما بين 400-600 مليون سنة.

قد يكون هذا النجم مشابهًا لشمسنا، لكن ما زال لديه الكثير من الوقت للنمو.

ففي هذه المرحلة المبكرة من دورة حياته ما زال في حالة فوضى شديدة وينفث بنشاطات مغناطيسية قوية.

كشاب يمرّ بمرحلة المراهقة، فالطبقات العُليا له تنفث بعناقيد ضخمة من البقع النجمية، كاشفةً عن الطاقة العنيفة المتولّدة بداخل النجم.

النتيجة من ذلك هو نجم ينفجر مطلقًا توهّجات لها طاقة أكبر من أقوى طاقة لتوهّج حادث على شمسنا بـ10-100 مليون ضعف.

وبالإضافة لذلك، فإن طاقة الرياح النجمية لـKappa Ceti تفوق طاقة الرياح الشمسية لشمسنا بحوالي 50 ضعف، والتي تتموّج خلال الفضاء المحيط كإعصار عنيف من البلازما.

نحن في الحقيقة ننظر إلى نجم في الماضي قد يبدو كشمسنا من مليارات السنين.

ولكن أيضًا عند النظر إليه، يبدو من المستحيل لأي حياة أن تكون على كوكب افتراضي في مدار حوله.

إلا أن الغلاف الحيوي للأرض تغلّب على شمسنا مانحًا إيانا الحياة، ونشير أيضًا أن تواجد الكوكب في نطاق الحزام الذهبي ليس كافيًا وحده لنشأة الحياة؛ فلابد من وجود درع مغناطيسي حوله.

يقول الفلكي خوسيه دياز دو ناسيمنتو Jose-Dias Do Nascimento من مركز هارفارد سميثونيان Harvard-Smithsonian للفيزياء النظرية (CfA) وجامعة Rio G. do Norte (UFRN) في البرازيل:

“كي يكون الكوكب صالحًا للحياة، فيجب أن يكون دافئًا، وأن يحتوي على المياه، وأن يتجنب النشاط العنيف لأي نجم مجاور.”

على الرغم من نمو الغلاف المغناطيسي للأرض على مدار مليارات السنين للحالة القوية التي هو عليها الآن، فبعض التقديرات تقول بأن تلك القوة كانت تقريبًا النصف عندما كانت الشمس في أقوى حالاتها.

ومن حوالي 4 مليارات سنين، ظهرت الحياة البدائية على الأرض والآن توجد حضارات ذكية نامية بداخل غلاف حيوي غني ومتنوع.

قام الغلاف المغناطيسي بدوره على أكمل وجه.

يعمل الغلاف المغناطيسي للأرض كدرع غير مرئي، من خلال التحكّم في تيار البلازما الشمسية الثابت الواصل إلى الأرض.

العواصف الشمسية تحدث وينتج عنها تلك العروض الشفقية المذهلة وذلك بسبب التشتّت المغناطيسي للجسيمات ذات الطاقة العالية وسقوطها على نطاقات عالية في طبقة الغلاف الجوي.

والجزء الأكثر أهمية هو أن الحياة في أمان من تلك الإشعاعات الأيونية، كما يمنع الغلاف المغناطيسي غلافنا الجوي من التآكل بواسطة الرياح الشمسية.

كمثال على الآثار الشمسية الضارة، فها هو كوكب المريخ.

فكوكب المريخ إما خسر مجاله المغناطيسي في مرحلة مبكرة من حياته أو أنه لم يمتلك غلافًا مغناطيسيًا من الأساس.

وبالتالي، خضع للتآكل المستمر بفعل الرياح والعواصف الشمسية غير المعدودة ونعلم الآن أن غلافه الجوي في حالة تدمّر مستمرة.

كما أن ضغط غلافه الجوي قارس البرودة يعادل 1% من ضغط الغلاف الجوي للأرض، فبالتالي لم يحظ بفرصة ظهور الحياة المعقدة على سطحه قط، بينما الحياة على المستوى الميكروي ما زالت غير معروفة بعد.

لذلك في المرة القادمة عند شعورك بأشعة الشمس تلامس جلدك، تذكر أن المجال المغناطيسي للأرض هو الذي سمح بنشوء الحياة التي وصلت لمراحل معقدة وما زال يحميها مما قد تقذفه شمسنا علينا.