تجربة جديدة ناجحة تقربنا من بناء مرصد في الفضاء لرصد موجات الجاذبية

مركبة الفضاء ليزا باثفايندر LISA Pathfinder تنجح في توفير التقنيات لمهمة مستقبلية ستتكلف 1 بليون يورو.

لطالما راود العلماء الحلم بإطلاق كوكبة من المجسات في الفضاء لالتقاط موجات الجاذبية (تجعدات الزمكان) التي كان أينشتين أول من تنبأ بها، والتي تم الكشف عنها للمرة الأولى أوائل هذا الشهر.

أصبح هذا الحلم الآن أكثر قربًا للتحقق، فالباحثون يعملون على مهمة تبلغ تكلفتها 400 مليون يورو لتجربة التقنيات اللازمة في الفضاء للمرة الأولى، ما يتضمن إطلاق أشعة الليزر بين مكعبات معدنية في حالة سقوط حر، الباحثون يصرحون لمجلة Nature أن التجارب الأولية تعمل بالكفاءة التي يرجونها.

يصرح بول مكنمارا Paul McNamara، أحد علماء مهمة ليزا باثفايندر والتي بدأت في ديسمبر: “أعتقد أنه بإمكاننا الآن أن نقول أن الفكرة ناجحة” ويتابع بول:”نحن نعتقد بأننا الآن في وضع جيد لنتطلع للمستقبل وللجيل القادم”

أما ستيفانو فيتالي Stefano Vitale وهو فيزيائي بجامعة ترينتو University of Trento بإيطاليا ومحقق رئيسي في مهمة باثفايندر فيقول: “كل شيء يعمل بالكيفية التي صمم عليها، وهو أمر يشبه السحر بالإضافة لكونه حدث شديد الندرة في مسيرتك المهنية كعالم تجريبي”

وكالة الفضاء الأوروبية The European Space Agency مولت التجربة، وتأمل في نهاية الأمر أن تعطي إشارة البدء للمهمة التي ستتكلف 1 بليون يورو لاصطياد موجات الجاذبية. تقوم الفكرة على ارتداد الليزر مابين ثلاث مركبات فضائية موضوعة على مسافة ملايين الكيلومترات من بعضها البعض. كل مركبة سيكون على متنها كتلة اختبار (مكعب معدني) ستوضع في حالة سقوط حر، بمعزل عن تأثير أية قوة سوى قوة الجاذبية. ولأن موجات الجاذبية تعمل على إطالة وضغط الزمكان، يأمل المرصد في التقاط الموجات العابرة عن طريق قياس الفروق الطفيفة في المسافة بين المكعبات التي تسقط سقوطًا حرًا بواسطة الليزر.

 

 

وبسبب المقياس الهائل للراصد الموضوع بالفضاء سيكون بإمكانه التقاط موجات جاذبية ذات تردد أصغر مما تستطيع المراصد الموضوعة على الأرض التقاطه، مثل مرصد موجات الجاذبية المتقدم القائم على قياس التداخل الليزري والموجود بالولايات المتحدة، والذي أعلن في الحادي عشر من فبراير عن أول التقاط ناجح لموجات الجاذبية. الموجات ذات التردد الأصغر تنشأ عن الأحداث الأكثر قوة والتي يسعى العلماء لدراستها، مثل التصادم بين المجرات أو بين الثقوب السوداء فائقة الكتلة.

مهمة باثفايندر تهدف لإثبات نجاح التصميم المبدأي وتوضيح حدود عمله على مقياس مصغر. تقوم التجربة على استخدام كتلتي اختبار (تزن كل منها 2 كيلوجرام من الذهب والبلاتينوم) موضوعتين على مسافة 38 سنتيمتر من بعضهما البعض، ووضعهما في حالة سباحة بدون أي قوى مؤثرة سوى الجاذبية، ومن ثم اختبار إذا ما كان التغير في حركتيهما النسبية يمكن قياسه إلى أقرب بيكومتر. لابقاء المكعبين في حالة سقوط حر، تقوم مركبة الفضاء برصد حركة المكعبين واستخدام نفاثات مصغرة للابقاء على مكانها في موقع متوسط بين الكتلتين.

تعقيد القيام بمثل هذه التجربة، خاصة وأنها ستتم على مسافة ملايين الكيلومترات من الأرض، أثار تساؤلات المشككين عما إذا كانت ستعمل من الأصل في الفضاء، حسب كلام فيتالي. لكن وبحسب كلامه أيضًا، فإن البيانات التي تدفقت منذ 23 فبراير، حين بدأ باثفايندر في تتبع مكعباته السابحة عن طريق الليزر، تشي بأن التجربة لم تقم فقط بما هو مطلوب منها لكنها تفوقت عليه. في الوقت الحالي يحتفظ الفريق طي الكتمان بالتفاصيل عن مدى كفاءة آداء الأجهزة.

إثبات كفاءة التقنية الأساسية هو مجرد خطوة أولى. فالهدف العلمي الرئيسي، والذي سيعمل فريق باثفايندر على تحقيقه خلال الشهور القادمة، هو الوصول إلى مصدر التشويش Noise في النظام. هذه المعلومة ستكون ذات أهمية عظمى في تصميم لاقط أمواج الجاذبية الفضائي، والذي من المقرر إطلاقه في عام 2034. يقول مكنمارا عن المهمة: “الهدف الرئيسي من المهمة ليس فقط قياس مدى كفاءة عملنا، لكن لفهم كيف وصلنا لهذه الكفاءة”.

نجاح باثفايندر كان بمثابة شرطًا أساسيُا لبناء المرصد، والذي وافقتESA على تمويله في 2013. لكنه وقبل إطلاق مهمة طموحة بهذا الحجم، رأى العلماء أنه من المحبذ أن تكون موجات الجاذبية قد تم التقاطها بالفعل بواسطة لواقط أرضية، هنا يقول فيتالي: “يبدو أن هذين الشرطين قد تحققا في نفس الشهر، لذا فإن هذا الشهر يعد حقيقة شهر حظنا”.


 

المصدر